علي أحمد يكتب: الكيزان وحلم العودة إلى السلطة .!!
برأيي، وبصفتي مراقب لأوضاع ومجريات وحيثيات الحرب منذ اندلاعها وحتى اللحظة، بشكل يومي وعن كثب، فإنّ ما صوّرها الفلول بأنها معركة ضارية جرت في محيط الهيئة القومية للإذاعة والتلفزيون بأم درمان انتهت إلى هذا الاحتفال الفلولي الصاخب بنصرٍ مُدّعى، محض أكذوبة لا تقل عن أكاذيبهم بالغة (العبط) مثل: الطيارة سارة، ومقتل (حميدتي) وبعثه من جديد (بعاتي) كما قال سفيرهم المعتوه في ليبيا وأقسم على ذلك العميل الدنيء مبارك حفيد المهدي غير المنتظر !
فلنفترض أنّ ثمة معركة ضارية جرت في (الهيئة)، وأنها انتهت – كما يدعون – بضرب القوة الفاعلة لقوات الدعم السريع وكسر شوكتها، فما الأدلة والشواهد على ذلك؟
لم ير أحداً قتلى أو أسرى من الدعم السريع، حتى من عرضهم الكيزان بعد يومين على انهم أسرى الإذاعة، اتضح انهم (شماسة) أتوا بهم من أسواق أمدرمان، ما جعل حتى الجيش يخجل من كذبتهم الماسخة فخرج وأنكر وجود أسرى، وأيضا لم ير أحداً سلاحاً ذي بال في قبضة (المنتصرين) مجازاً، فما حدث لا يحتاج خبيراً عسكرياً حقيقياً دعك عن خبرائهم الذين خبرناهم وخبرنا خبرتهم في الفضائيات العربية، ليكتشف أن ما جرى هو إلا انسحاب لقوات الدعم السريع من بعض الأحياء في أم درمان القديمة بما في ذلك (حي الملازمين) حيثُ مبنى الإذاعة والتلفزيون.
وليس من دليل على ذلك أكثر من ظهور مليشيات الكيزان صباح اليوم التالي للإنسحاب والمبنى خالٍ تماماً من أية عناصر تتبع للدعم السريع، والتقطوا صوراً ومقاطع فيديو ولم يتركوا للجيش نفسه مساحة للتذكارات، وقصدوا بذلك أن يشوهوا سمعة الجيش بأن يظهروه بمظهر الضعيف المتخاذل وأن قادة مليشيا (البراء) والعمل الخاص وغيرها من المليشيات الكيزانية الإرهابية التي يقودها بائع الأواني المنزلية نحيف العقل والجسد الهارب من معركة (ود مدني)، هي التي (حررت) – بحسب عبارتهم – الإذاعة والتلفزيون، وليس الجيش الضعيف المتهالك!
وهنا ظهر أحد كبرائهم في القيادة والكذب، وهو أمين حسن عمر، مٌرسلاً تحذيراً شديد اللهجة غليظاً ومُغلظاً، بقوله: ” أولادنا هم من يحاربون ويستشهدون الآن، ونحن عائدون إن شاء الله، شاء من شاء وأبى من أبى”.
تصريح أمين حسن عمر المغلظ وتهديده المباشر، ليس موجهاً بالتأكيد إلى الدعم السريع ولا إلى (تقدّم)، وإنما إلى قيادة الجيش وإلى حلفائها من الحركات المتمردة (السابقة) من شاكلة العدل والمساواة (جبريل واخوته) وحركة تحرير السودان (مناوي وشقيقه)، بأن (انقرعوا) ولا تفكروا في الحكم ونحن من يقودكم ويقود الحرب نيابة عنكم وأنتم في ساحل البحر هائمون وفي (بورت كيزان) قاعدون.
ما ظللنا نردده، أصبح حقيقة واقعة، وهي أن هذه الحرب هي حرب الكيزان من أجل العودة على السلطة، وهي الحرب على الثورة والثوار، وهي الحرب على التحول المدني الديمقراطي، وهي من أجل أن يحكم الكيزان بلادنا لعقود ربما ضعف ما حكموا في المرة السابقة، إنها حربهم بامتياز، وفي سبيلها سرقوا الجيش وورطوه واشانوا سمعته، وأظهروه بمظهر الضعف والخوار، واظهروا قادته بمظهر الجبناء الرعاديد والخونة والمترددين؛ وهم كذلك بالفعل، وإلا فما هو الوصف المناسب لأشخاص مثل البرهان وكباشي والعطا وجابر؟!
هذا جانب، أما الجانب الأهم، هو غرابة كائنات (بني كوز)، إذ يطلقون الكذبة وهم يعلمون إنها كذبة، ثم ما إن يرون أن بعض خِفاف العقول صدقوها، حتى يصدقوها هم أيضاً معهم، ثم يتعاملون معها كحقيقة، وها هم الآن صدقوا ما روجوا له من انتصارات حاسمة وساحقة على الدعم السريع، وإن نهاية هذا القوات أوشكت، مثل تلك الساعات التي وعدونا أن يحسموا فيها الدعم في بداية الحرب والتي استمرت زهاء سنة كاملة، لم يحرروا فيها إلا ثلاثة أحياء وبضع زقاقات من مساحة الحرب العريضة، ويتفاخرون!!
لقد انسحبت قوات الدعم السريع من بعض أحياء أم درمان القديمة، تكتيكياً، والكيزان يعرفون ذلك جيداً، لكنهم ينكرون، وما علينا إلاّ أن ننتظر لنرى الخطوة القادمة.
أما أمين حسن عمر، فإنه يحلم بالعودة، وهذا أمر مستحيل، فلن تعودوا أيها الكيزان الفسدة المخابيل، ولو قاتلتم مائة عام، وقتلتم الناس جميعاً، لن تعودوا أبداً كما لن يعود الجيش إلى الحكم مرة أخرى، فقد أصبح قدر بلادنا ديمقراطي هذه المرة، ولا بُدّ أن تؤمنوا بهذا القدر وتسلموا به، وتتوقفوا عن سفك الدماء، ضد مشيئة الشعب وقناعته .. هذا الشعب الذي نبذكم عبر ثورته العظيمة وقال فيكم ما لم يقله في أي حكومة قبلكم: (سلمية سلمية ضد الحرامية)، لقد وصفكم بأنكم لصوص، ثم طالب بوضعكم تحت الأحذية إمعاناً في كراهيته لكم: ( أي كوز ندوسوا دوس)، لذلك لن تحكموا هذه البلاد مرة أخرى، كما لن يحكمها العسكر، حاربتم أم فاوضتم وصالحتم!