مطعونون في “الوطنية: بالشرق .. ممنوعون من “الهوية” في دارفور .!!

161
الأستاذ علي أحمد..

مطعونون في “الوطنية: بالشرق .. ممنوعون من “الهوية” في دارفور .!!

  • علي أحمد.. 

ظل شرق السودان يعيش حالة احتقان الأيام الماضية بسبب ممارسات دولة (بورت كيزان) العنصرية وقدحها في مواطنة وهوية جماعات (البني عامر والحباب) الأصيلة، عن طريق الإذاعة الرسمية التي تُسمى بالقومية وما هي إلا محض محطة عنصرية كيزانية تافهة، تجلب إليها التافهين مثل اللواء أمن العنصري بدر الدين عبد الحكم.

ويبدو واضحاً -بل من المؤكد- أن هذا التراجع وتلك الاعتذارات التي قدمت لقبائل شرق السودان لم تكن حقيقية، وأن حكام الدولة الكيزانية في الساحل يتبنون أجندة عنصرية بشكلٍ مؤسسي، وعلى رأسهم البرهان نفسه، وإلاّ لماذا قبل أن تلتئم كارثتهم العنصرية في الشرق، ذهبوا إلى العاصمة اليوغندية (كمبالا) ومنعوا اللاجئين والمقيمين السودانيين من جماعات مُحددة في دارفور من حقهم الأصيل في المواطنة وفي استخراج الأوراق الثبوتية!

دعوني أروي لكم القصة، لقد منع فريق الجوازات بالسفارة السودانية إلى كمبالا أول أمس جميع المنتسبين إلى جماعات الرزيقات والمسيرية وبني هلبة والهبانية والسلامات والفلاتة والترجم والحوازمة، ومجموعات أخرى تنتمي للمجموعات العربية في دارفور ، من تجديد جوازات سفرهم أو استخراج الأرقام الوطنية، عازياً ذلك إلى قرار رسمي صادر عن وزارة الخارجية يحمل الرقم (54) لسنة 2024، موجه إلى إدارة السجل المدني والهجرة والجوازات في جميع الولايات بالداخل ، وكافة السفارات في الخارج، يقضي بمنع استخراج أو تجديد أية أوراق رسمية لقبائل ومجموعات كبيرة وكثيرة في دارفور وكردفان، أي تطبيق عملي لدولة البحر والنهر التي يبدو انهم قد شرعوا عملياً في تأسيسها على الأرض.

إنها سابقة خطيرة لم تحدث منذ أن عرف السودانيون الأوراق الثبوتية إبان عهد المستعمر الإنجليزي الذي كان منصفاً وعادلاً أكثر من هؤلاء الكيزان العنصريون الرعاع .

إذن، فإن ما حدث تجاه (بني عامر والحباب) في شرق السودان من طعن واستهداف لوطنيتهم من قبل جهاز الأمن والمخابرات العامة التابع لحكومة بورت كيزان، لم يكن هفوة أو رأياً شخصياً لرجل معتوه وعنصري، كما يريد الكيزان يخادعوا، بل هو قرار مؤسسي متفق عليه، لكنهم دفعوا بهذا الرجل الغبّي لمعرفتهم بجهلة وعنصريته، فقد استخدموه من قبل في الفتنة العرقية خلال فترة حكومة الثورة الإنتقالية، لجس النبض ورصد ردود الفعل، وعندما رأوا أن الشعب السوداني كله وقف وقفة صلبة ضد مشروعهم العنصري في الشرق، أحنوا رؤوسهم للعاصفة، لكنهم لم يتراجعوا، بل سيعودوا إلى ذلك بطريقة أبشع وأسوأ، لأنهم اتخذوا هذا القرار وينتظرون بعض السوانح لتنفيذه.

إن استهداف قبائل بعينها والطعن في هويتها ومواطنيتها والإساءة إلى رموزها وأبنائها الذين تسنموا مناصب عليا في الدولة بما فيها دولة الكيزان البائدة والراهنة، لهو إعلان حرب صريح وواضح ضد أبناء هذه القبائل، نقولها بصراحة وصدق؛ ما لم يستدرك أبناء دارفور والشرق وجبال النوبة والنيل الأزرق وينتبهوا إلى ما يُحاك بحقهم، جماعة بعد جماعة بواسطة الكيزان، فإنهم سيفقدون حقوقهم كمواطنين سودانيين من الدرجة الثانية أو الثالثة دعك عن كونهم يحلمون بالصعود بمواطنيتهم وترقيتها ليصبحوا من الدرجة الأولى مثلهم مثل من يعتقدون انهم أبناء الله وأحباؤه، وان هذا الوطن الشاسع ما هو إلا هدية من السماء اختص به الله نهر النيل وكيزان (الأحجار) غير الكريمة .. هويته وفوله وعدسه وبصله ونفطه وذهبه وكل خراجه لهم، لا لأحد سواهم!

السودانيون جميعاً يعلمون ان الكيزان، وتحديداً كيزان نهر النيل، هم الذين يديرون ويسيطرون على السجل المدني والأمن والإستخبارات، وهم الذين يوزعون الوطنية بمزاجهم لمن يريدون ويمنعونها عن من يكرهون.

إن منع منسوبي جماعات بعينها من دارفور وكردفان، أفراداً سودانيين مواطنين، لجأوا من الجحيم إلى بلاد بعيدة، ومنعهم من أبسط حقوقهم لهو تعدٍ وطعن في هويتهم وانتماءهم إلى هذا التراب الذي روه بدمائهم دفاعاً وزوداً عن بلدهم، يخالف كل الشرائع الدولية والحس الإنساني، بل هو فصل وتطهير عرقي على مستوىً مختلف.

ولأن استهداف بني عامر وحباب الشرق تم بقرار من الدولة ومن أجهزة إعلامها الرسمية، كما تم استهداف أبناء الحوازمة والرزيقات والمسيرية وبني هلية والحوازمة والفلاتة والترجم من قبل وزارتي الخارجية والداخلية بقرار رسمي أيضا، سيتم كذلك استهداف جميع المجموعات في دارفور كما تم من قبل إبان تمرد حركتي العدل والمساواة وجيش تحرير السودان، عندما كان مناوي وخليل محض تشاديين أجانب ينبغي إبادتهم ومسحهم من على أرض السودان، وكذلك كانت الجماعة التي ينتمي إليها مالك عقار توصف بأبشع الأوصاف، ويشكك في أنها إثيوبية من بني شنقول، وكانوا يعانون في استخراج الهوية السودانية!

هذا التيار العنصري هو الذي ظل يحكم السودان منذ أكثر من 30 عاماً وحتى الآن، ولكن مع إشعاله حرب 15 أبريل، واستفاضته في العنصرية وعدم (التوبة) عنها، فإنه وجب على جميع المجموعات المضطهدة والتي يتم التشكيك في هويتها ومواطنيتها الإتحاد والتنسيق لمقاومة هذه القرارات التعسفية العنصرية، والاصطفاف لحرب الكيزان وانتزاع حقوقهم بالقوة (حقك تلاوي وتقلعوا)، وما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة. وهذه الحرب ليس كلها شراً لو تعلمون، ولو لديكم بصيرة ستعرفون كيف تستغلونها وإلى من ستنضموا لتنتزعوا حقوقكم وتجابهوا الدولة العنصرية التي في (بورت كيزان).

ها أنا أشير إليكم إلى الطريق الصحيح، وأخشى أن لم تسرعوا للسير فيه ستضلوا، لأن القادم سيكون هو الإبادة العرقية لهذه المجموعات المستهدفة واحدة تلو الأخرى، ودائماً ما تبدأ الإبادات والتطهير العرقي بشيطنة جماعة ما (قبيلة) ثم وصفهم بالاغراب وحرمانهم من المواطنة ومن استخراج الأوراق الثبوتية وبالتالي من الوظيفة والتجارة والعمل والسفر وحرية التنقل والإلتحاق بالمدارس والجامعات والمؤسسات المدنية والأجهزة العسكرية، وإفقارها، ثم الإنقضاض عليها وإبادتها.

انتبهوا .. وتوحدوا صفاً واحداً .. وقاتلوا الكيزان من أجل حقوقكم الدستورية والقانونية، والأهم؛ من أجل أرواحكم وحقكم في الحياة الكريمة.

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *