محمد الربيع: أركو مناوي والغباء الإستراتيجي.!!

145

محمد الربيع..

أركو مناوي والغباء الإستراتيجي.!!

“الغباء هو فعل نفس الشيء مرتين بنفس الأسلوب ونفس الخطوات وإنتظار نتائج مختلفة” .

“الفرق بين الغباء والعبقرية هو أن العبقرية لها حدود”

،،،،،، ألبرت إينشتاين ،،،،،

✍️السيد مني أركو مناوي يعتبر بكل المقاييس واحد من أكثر النمازج الشاذة وسط المناضلين عبر التاريخ وهو بحق نتاج صدفة من صدف القدر الذي وضعه في موقع لا يملك له أدني صفة من صفات التأهيل (العلمية أو الشخصية او الفطرية) التي تؤهله لقيادة التغيير ،،، فهو أكاديمياً لم ينل تعليماً جيداً أو عالياً ليمكنه من صياغة أفكاره أو التعبير عنها برؤية واضحة ولا يملك القدرة الفلسفية علي التنظير والإبتكار كما لم يجتهد لتطوير نفسه عن طريق المثاقفة وكثرة الإطلاع ومصاحبة الكتب ومجالسة العلماء وذوي البصائر لأن ذلك يتطلب الكثير من الرهق والمثابرة التي تعزُّ علي امثاله ولذلك لا يمكن تصنيفه في خانة المثقف لأنه يفتقد أدوات الثقافة! أمّا المسافة بينه وبين الفكر والمفكرين فهي مسافة “سبع سماواتٍ ومن الأرض مثلهنّ” كما لم يمتلك الصفات الفطرية للقائد الريادي مثل النباهة والكاريزما وسرعة البديهة وسرعة الإستجابة في المواقف التاريخية المفصلية لذلك فلا هو مناضل ثائر ذو ثقافة ثورية ومباديء نضالية مثل كاسترو وجيفارا (كوبا وأمريكا اللاتينية) ولا هو مثقف وخطيب مفوّه مقنع للسامعين مثل مارتن لوثر كنج ومالكوم إكس في (الولايات المتحدة) ولا هو يمتلك العصامية والأنفة وعزة النفس كالمناضلين الآسيويين وعلي رأسهم مناضلي فيتنام “هوشي منه المؤسس ثم الجنرال فون مسار الذي هزم أمريكا حتي لقّبوه بالعدو العظيم” ولا هو مفكر صاحب رؤية إستراتيجية ومشروع دولة مثل مانديلا وجون قرنق وسانكارا وبول كاغامي في القارة السمراء …. لكنه خليط من المهرّج الإعلامي والمغامر السياسي بلا ذاكرة أو هدف يميل حسب الريح “مرة مع دول ومرة مع دول” !! .

 

السيد مناوي كان اول من كسر ظهر حركة التحرير وأضاع مشروعها المثالي الذي كان نبراساً للشباب وحلماً نبيلاً لشعب الهامش بإنشقاقه الطفولي الغبي من خلال مؤتمر حسكنيتة الذي صنعه ورعاه الإستخبارات ولم تمض للنضال ثلاث سنوات وتم التسويق له قبلياً ليصطفّ قبيلة مناوي وخاصة خشم بيته (أولاد دقين) مع جناح حسكنيتة ونصبوه رئيساً !! وليبتعد عنه كل كوادر أبناء القبائل الأخري وخاصة قبيلة الفور أو تم “إبعادهم” ومن هنا بدأت تطبيق سياسة “فرّق تسد” وتناسل الحركات تباعاً حتي بلغت حوالي الثمانين حركة كلها تحمل إسم التحرير وتجد قبيلة واحدة تملك مثلاً ثلاثين حركة بمسميات مختلفة …”كنتُ حينها أمين الإعلام والناطق بإسم الحركة في مكتب القاهرة أهمّ وأنشط المكاتب الخارجية وأصدرنا بيان شديدة اللهجة شجبنا الخطوة وتوقعنا ما يحدث بعدها ورفضنا الدعوة لمؤتمر عام في ذروة النضال لأنه يكشف مطامح سلطوية فقط وبداية تشظي وتمزيق وقد كان!! وبالطبع هو لم يقرأ بأن مانديلا ظل رئيساً لحركته حتي وهو في السجن ٢٧ عاماً لم يعزله احد أو يفكر بإقامة مؤتمر بعزله وظل دكتور جون رئيساً للحركة الشعبية منذ ٨٣ — ٢٠٠٥ حيث رحيله المشؤوم وكذلك كاسترو …. بعدها ذهب إلي أبوجا وواصل في نفس الدور “شقاق الصفوف” الذي رسمه له جهاز المخابرات وفاجأ كل المناضلين والمراقبين بالتوقيع علي إتفاقيتهم مع مجذوب الخليفة ليؤتي به (مساعد حلة) كما وصف نفسه بذلك بعدما همشوه في مكتبٍ صغير متواضع في ركنٍ قصيٍّ من قصر غردون لا يوجد به سوي “شوية كراسي” وطاولة للصحف والجرائد الإنقاذية البائسة المليئة بمقالات في الهجاء والذم لشخصه تفنن فيها الخال الرئاسي العنصري الطيب مصطفي!! وعندما بلغ السيل الزبي وغدروا به وقتلوا له رجاله في المهندسين وأذلوه أضطرّ إلي الخروج إلي “السماء ذات البروج” .

 

بعد ثورة ديسمبر وبزوغ نجومية الفريق محمد حمدان دقلو بعد موقفه المشرّف برفضه ضرب الثوار ساهم في إنهاء حكم البشير (ولو جزئياً) إلا أن قوة شخصيته ظهرت في الدور الحاسم في سلام جوبا فهو من فرضه علي البرهان ومجلسه الأمني الكيزاني وهو من كان يدفع مصاريف لوفود الحركات في جوبا ومنهم حركة مناوي (بشهادة أعضاء في الحركات) وهو من ظل يمنحهم المال في الخرطوم لتسيير حياتهم وهو من فرض وجودهم في الخرطوم عندما قال عبدالرحيم قوله الشهير في بيت موسي هلال: (الخرطوم دي حق أبو منو)؟! في الوقت الذي ظل الآخرين يكيلون عليهم الشتائم ويطالبون بإخراجهم!! ثم مرة أخري كرر مناوي نفس الخطأ بكسره لظهر ثورة ديسمبر ودعمه لمؤتمر الموز الكيزاني ثم الإنقلاب علي حكومة الثورة من بعده وقال في تلميحاته (عندنا إتفاق تحت التربيزة) !! وأستمر داعماً للإنقلاب ودون ان يجلب سلام جوبا أيّ سلام او مكسب للإقليم ولا للنازحين في المعسكرات وعندما ذهب لدارفور بعد تنصيبه حاكماً دعمناه وتوسمنا فيه خيراً بأنه قد تعلم الدرس وشخصياً كتبتُ عنه مقالاً وفيه رسائل بريدية …. لكن للأسف “عادت حليمة لعادتها القديمة” .

 

مع بداية حرب أبريل تظاهر بالحياد وأراد الذهاب إلي دارفور فساعده الدعم السريع علي الخروج الآمن ومرة أخري أمّن له الخروج والذهاب لبورتكيزان ومن هناك بدأت خيانته للعهد وردته النضالية وإرتكب خطيئة العمر بتركه الحياد وإنضمامه لصف من قاتله عقدين من الزمن وشرّده ونزّح أهله إلي معسكرات الذل والعار وهو من قال في أحداث كريندينغ : يوجد تواطؤ ومؤامرة من الأجهزة النظامية في الجنينة. وكما أن الأسلاميين أشعلوا الحرب من أجل أن يعودوا للسلطة ، وسموها كذباً بحرب الكرامة كذلك جرّ أركو مناوي الحرب للفاشر “المنهك بالحرب منذ عقدين” من أجل الأبقاء علي مكتسبات سلام جوبا “الأسرية” فقط،،، وسماها حرب دارفور !! ومرة أخري حشد لها (قبيلته وخاصة خشم بيته) إذاً ما ذنب بقية المكونات التي لم تجد شيئاً من حصة جوبا التي خصصت (لخشم بيت) في قبيلة؟؟؟!!! هل من أبوجا إلي الدوحة ثم جوبا إستصحبت معك أيّاً من المكونات الأخري غير (خشم بيتك) ؟؟ وإذا لم تلبي للإقليم مطالبه “سلام ، تنمية وحقوق” كيف تستنفره للقتال بجانبك للحفاظ علي مصلحتك الشخصية الأسرية؟ جميعنا ناضلنا ولم نأخذ الإذن من قبائلنا ولم ولن نأخذ توجيهم لنا سياسياً ولا يمكن أن نورطهم بأي موقف في العمل العام ، فمهمة القبيلة تظل أجتماعية وهي للتعارف بين الناس ،، فلماذا تورّط القبائل في حربٍ بين جيشين ؟! أما قصة خيانتك العهد بينك وبين الفريق حميدتي ، فأين أنت من المقدم عبدالرحمن البيشي “أبن سنّار” الذي قال: حرّم أكلنا مع حميدتي الحلو وحرّم نأكل معه المر !!؟ إنها عبارة للتاريخ من فارسٍ موشح بالوفاء والشهامة!!

أيهما هو العدو الأستراتيجي بالنسبة لك هل هي دولة ٥٦ وفلول النظام البائد وكتائبه الداعشية أم هو قوات الدعم السريع وقائدها الفريق حميدتي والذي هو جارك وإبن منطقتك وترتبطان (جغرافيا وتاريخ) ؟! هل تثق بجيشٍ قبلي جهويٍّ عنصريٍّ قتل حوالي ستة ملايين من السودانيين خلال تاريخه الملوّث بالدم الوطني لشعوب الهامش وخاصة دارفور حتي قال كبيرهم : لا أريد منهم أسيراً أو جريحاً وإغتصاب نساءهم من إثنياتٍ أخري شرفٌ لهنَّ؟ لمن تتبع الطائرات التي تقصف دار فور يومياً وخاصة الفاشر وبالأخص الأحياء التي تقيم بها أسرتك؟ والسؤال الكبير هو لماذا حصرتَ دفاعك فقط عن مدينة الفاشر وتركت بقية الإقليم يسقط وأنت تحمل صفة “حاكم الإقليم”؟! هلا فهمتم الآن عبارة أينشتاين بأن للعبقرية حدود؟ أي بمعني آخر أن الغباء ليس له حدود وهذا يؤكده لنا تكرار مناوي لنفس الأخطاء الغبية منذ عشرين عاماً وفي كل مرة تصبح التكلفة أكبر ولم يتعلم أبداً وهذه هي نتيجة من يتقدم الصفوف بلا مؤهلات !!وهذه المرة تاكد تماماً خسارته لأي مستقبل سياسي لأنه قد خسر عسكرياً وفقد قوته وعتاده لكن السؤال : هل يجد طريقاً لسماءه ذات البروج؟! .

قبل الختام :

المرء يُذكَر بالجمائل بعده – فأرفع لذكرك بالجميل بناء

وأعلم بأنك سوف تُذكر مرة – فيُقال أحسنَ أو يُقَالُ أساء .

 

محمد الربيع

[email protected]

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *