وفد الدعم السريع ب”جنيف” .. يكسر الجمود، ويتباحث مع وفد الامم المتحدة لايصال المساعدات الانسانية.
وفد الدعم السريع ب”جنيف” .. يكسر الجمود، ويتباحث مع وفد الامم المتحدة لايصال المساعدات الانسانية.
د. عبدالمجيد عبدالرحمن ابوماجدة
“1”
ما زال مضمار الحرب في السودان طويلاً وشاقاً ووعراً ولا حلول تلوح في الافق المنظور لوقف هذه الحرب اللعينة و العبثية كما ظل يصفها الجنرال “الفاشل” البرهان بين الفينة والاخرى ويرددها كثيراُ في كل تصريحاته في لقاءاته مع جيشه الفلولي “المهزوم” او لقاءات صحفية واعلامية او مقابلة له مع مسؤولين داخل وخارج السودان .
فعلى الرغم من المبادرات وتعدد المنابر لحل قضية الحرب في السودان إلاً انّ كل المحاولات والمبادرات قد باءت بالفشل بدءاً بمنبر جدة ولقاء المنامة ومؤتمرات القاهرة ولقاءات انجمينا .
كما ظلت المبادرات والوساطات هي الاخرى تبارح مكانها .
الاسبوع الماضي وفي محاولة جادة من الامم المتحدة وبحثها المستمر لايجاد مخرج للازمة الانسانية في السودان بسبب هذه الحرب وذلك من اجل فتح ممرات آمنة عبر طريق ثالث يجمع طرفي الصراع في السودان بُغية الوصول لصيغة توافقية وتقريب لوجهات النظر بين الطرفين حتى تتمكن الامم المتحدة عبر وفدها المتواجد حالياً في جنيف لايجاد طريق آمن لتوصيل الاغاثة والمعونات الي السودانيين المتضررين من هذه الحرب الكارثية التي استمرت حتى الآن لاكثر من “ستة عشرة شهراً” .
فكانت انظار السودانيين وقلوبهم اتجهت صوب دولة سويسرا وفي عاصمتها الساحرة “جنيف” منتظرين نتائج اللقاء الثلاثي بين “وفدي الجيش والدعم السريع و الامم المتحدة” وهي مفاوضات غير مباشرة إلاّ انّ الجميع اصابتهم خيبة الامل عندما علموا بانسحاب وفد الجيش من المفاوضات.
“2”
قبييل هذا اللقاء كانت هناك تصريحات مملوءة بالشجن والاستياء للامين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيرش يقول فيها “تابعنا بقلق بالغ وحزن شديد بما يدور في السودان من انتهاكات و فظائع بشكل ممنهج والغريب في الأمر تعاون وإستجابة قوات الدعم بشكل سلس و مستمر في كل النواحي الإنسانية معنا علي الدوام وأيضا استعدادهم التام لوقف إطلاق النار بشكل دائم وإحلال السلام رغم انهم يتسيدون معظم أراضي السودان وعلي النغيض من ذلك فإنّ الجيش السوداني لم يبديء أي تعاون مع المجتمع الدولي بخصوص إيصال المساعدات الإنسانية للمتضررين في جميع أنحاء السودان وظل يشكل عقبة كؤودة و حقيقة في إيصال المساعدات الإنسانية .
كما ظل يتعنت ويرفض كل الفرص المتاحة للسلام علي صعيد كل المنابر وظل خطاب قادة الجيش عدائي بشكل صريح للمواطنين الأبرياء وحتي لدول الجوار لذلك عقدنا اجتماع تحضيري لإعلان جلسة محددة
في يوم الثاني والعشرين من شهر يوليو الجاري لفرض حظر الطيران الحربي في السودان بعد رفض الجيش لإيصال المساعدات الإنسانية ورفض كذلك كل مساعي السلام واصرارهم علي الحرب حتي ان بلغ ذلك مائة عام لذلك تيقن المجتمع الدولي بأن قادة الجيش السوداني لا يهتمون بأمر الشعب بل يخدمون أجندة تنظيم الإخوان المسلمين في السودان كما أن مرحلة حظر الطيران الحربي ستليها مراحل اكثر غلظة وتحجيم للجيش وان إستدعى ذلك ضربه”
إنّ هذه التصريحات القوية للامين العام للامم المتحدة توضح بجلاء بانّ المجتمع الدولي قد نفد صبره وتيقن علم اليقين بانّ جنرالات الجيش وجماعة تنظيم الاخوان المسلمين الارهابي وكتائب البراء لا يهمهم امر الشعب السوداني وبالتالي تاتي تصريحاتهم بانهم هم مع الحرب وضد اي منبر حوار او تفاوض مع قوات الدعم السريع والتي نعتوها بعبارات كثيرة لا تليق بان يتفوه بها اي شخص نهايك من جنرالات يحملون من الاوسمة والنياشين ما تنوء بحملها الجبال الراسيات .
“3”
يبدو ان قيادة جيش الفلول وحركتهم الاسلامية الارهابية لا يريدون بان يتم الاتفاق لايصال المساعدات الانسانية لمستحقيها من الشعب السوداني في مناطق الحرب “بدارفور الكبرى وكردفان وولاية النيل الابيض والجزيرة وسنار وولاية الخرطوم بمدنها الثلاثة” لذلك نجدهم يدعمون الحرب على الرغم من انّ قوات الدعم السريع تسيطر على مساحة “75”%” من المساحة الكلية للدولة السودانية تسيطر عليها بالكامل قوات الدعم السريع .
في تطور يصب في مصلحة الشعب السوداني فقد توصلت الامم المتحدة على عقد إتفاق مع قوات الدعم السريع بشان إيصال المساعدات الإنسانية للمتضررين من الحرب في أماكن سيطرة قوات الدعم السريع وتقوم قوات الدعم السريع بتوفير الحماية الكافية للعاملين في الحقل الإنساني حتى يتم ايصال الاغاثة لمستحقيها .
إنّ وفد الأمم المتحدة برئاسة المبعوث الخاص للأمم المتحدة الي السودان رمضان العمامره ووفد قوات الدعم السريع “بجنيف” توصلا لاتفاق نهائي بإيصال المساعدات الإنسانية الي المتضررين من الحرب بين الدعم السريع والجيش ويشمل الاتفاق إقامة مراكز في كل من “دارفور وكردفان والخرطوم والجزيرة”
علي ان تلتزم قوات الدعم السريع بحماية القوافل والعاملين في مجال المساعدات الإنسانية .
إنّ الاتفاق نص في بنوده علي فتح المعابر الحدودية لمرور المساعدات الإنسانية بكل من معبر “ادري بتشاد وام دخن وفوربرنقا بغرب السودان واويل وبحر الغزال بدولة جنوب السودان”.
الآن وبصورة جادة تفكر الامم المتحدة لتأسيس مركز للأمم المتحدة “بزالنجي” وذلك من اجل توزيع المساعدات الانسانية حسب التصورات والاتفاقات الفنية بين الدعم السريع والمنظمات الإنسانية والدولية العاملة في المجال الإنساني .
“4”
إنّ هذا الاتفاق يعتبر حجر الزاوية واساس متين بين الامم المتحدة وقوات الدعم السريع كما يشكل بوضوح اتجاهاً جديداً وإعتراف ضمني من الأمم المتحدة وكل العالم بشرعية وسودنة قوات الدعم السريع التى تنادي بوقف الحرب وتعمل من أجل التغيير والتصحيح لتأسيس حكم مدنى حر و ديمقراطى بعيدآ عن العسكريين الذين سيطروا على مفاصل الدولة السودانية وذرعوا بين مكوناتهم العنصرية والقبلية الصارخة حتى على مستوى الاوراق الرسمية والتقديم والالتحاق بالوظائف العامة في الدولة السودانية .
تلك الحقبة السوداء والفاشية التي عاش فيها الشعب السودانى اسوا ايام حياته من القهر والذل والاهانة والعنصرية والجهوية والقبلية والمناطقية.
إنّ قوات اللدعم السريع على الرغم من تقدمها في الميدان العملياتي وفي كل المحاور إلاّ انها دائماً تبادر ولديها زمام المبادرة لايجاد حلول للحرب الدائرة اليوم بالسودان .
فقد افلح وفد قوات الدعم السريع المفاوض “بجنيف” واُبلي بلاءاً حسناً للتفاوض المباشر مع وفد الامم المتحدة برئاسة رمضان العمامرة المبعوث الخاص للامين العام للامم المتحدة الي السودان في جلسة مباحثات مهمة للغاية إنّ هذه المفاوضات الثنائية اُختتمت يوم التاسع عشر من شهر يوليو 2024م بمدينة “جنيف” السويسرية وهي مباحثات ثنائية بين الطرفين وقد جرت المباحثات في جو إيجابي سادتها مناقشات بناءة ومثمرة وجادة تسهم في تعزيز التعاون المشترك بين الامم المتحدة وقوات الدعم السريع لفائدة ومصلحة الشعب السوداني .
ففي ختام المباحثات بين الطرفين سلم وفد قوات الدعم السريع السيد رمضان العمامرة خطاب رسمي موجه من الفريق أول محمد حمدان دقلو قائد قوات الدعم السريع موجه للأمين العام للأمم المتحدة يوافق فيه بما تم التوصل إليه خلال المباحثات و يتضمن التزامات قوات الدعم السريع بتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية بالتنسيق مع الوكالة السودانية للإغاثة والعمليات الإنسانية والالتزامات بتعزيز حماية المدنيين الى جانب العديد من المطالب العاجلة والملحة للأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي الذي سيكون له جلسة مغلقة بشان الحرب في السودان في الثاني والعشرين من شهر يوليو الجاري 2024م .
على قوات الدعم السريع تامين القوافل الانسانية والعاملين الدوليين والعاملين المحليين في جميع مناطق سيطرة قوات الدعم السريع بالولاية المختلفة .
كما ينبغي لمؤسسات الدعم السريع المدنية القيام بواجباتها كاملاً في تذليل كآفة العقبات والتحديات حتى تنساب الاغاثة بصورة سلسة ومرتبة وتصل الي مستحقيها بصورة عاجلة حتى يُخفف عن المواطنيين السودانين الذين هم الآن في امس الحوجة لانسياب وتدفق الاغاثة والمساعدات الإنسانية بالصورة المطلوبة .
د. عبدالمجيد عبدالرحمن ابوماجدة.
كاتب وباحث سوداني