فضيلي جمّاع يكتب: جاء دور التزلف للطوائف الدينية بدلاً عن القونات.!!
فضيلي جمّاع يكتب:
“جاء دور التزلف للطوائف الدينية بدلاً عن القونات”.!!
أشعر بالأسف لاستغلال عصبة الكيزان مناسبة تكريم أحد رموز الإبداع السوداني – القاص والصحفي الكبير نبيل غالي جرس، وكلام مدير جهاز المخابرات العامة الفريق أول احمد ابراهيم مفضل في حفل التكريم الذي بادرت به إذاعة “بلادي 90.6”. جاء في الخبر أن احمد ابراهيم مفضل (رحب بنيافة الأنبا صرابامون – أسقف عطبرة وام درمان وشمال السودان، والأب بسادة بشارة كاهن كنيسة السيدة العذراء ببورت سودان.) وأن جهاز المخابرات العامة قام يوم السبت بتكريم استاذ الأجيال والرمز الإعلامي الكبير نبيل غالي وذلك بمبادرة إذاعة بلادي 90.6) ، حيث تحدث المدير العام لجهاز استخبارات أكثر نظام دموي في تاريخ السودان عن الأديب نبيل غالي ، ممتدحاً إياه. وبأنه أنفق نصف قرن في خدمة الصحافة والثقافة والفنون ، مما جعله مستحقاً للتكريم والإحتفاء- كما جاء في الخبر!
إلى هنا ويبدو الخبر عادياً في نظر البعض. لكن ما يزيد المواجع ألماً أن تتحول مناسبة تكريم قاص وأديب إلى فرصة يبتهلها نظام الحيرة لاستدرار عاطفة الإخوة المسيحيين – وطائفة إخوتنا الأقباط بصفة خاصة – في الحرب الدائر رحاها بين ما تبقى من الجيش والدعم السريع وليد رحم جيش الكيزان. حيث جاء في كلمة مدير عام جهاز الإستخبارات أن (المليشيا المجرمة – يعني الدعم السريع- دمرت كل ما كتبه وجمعه ووثقه غالي من أرشيف السودان الأدبي والثقافي. وحطمت بيته وأحلامه ومذكراته وذكرياته !!) (علامات التعجب من عندنا). هل رأيتم براءة مثل هذه التي يحدثنا بها قتلة التاية وعلي فضل؟
والسؤال: هل يؤكد لنا مدير جهاز الإستخبارات العامة منذ متى كان مسؤولوهم يحتفون أو يقصدون احتفالا تقيمه أي من الطوائف المسيحية السودانية ولو من باب المجاملة أو إنتهاز الفرصة لكيل الردح للخصم كما فعل هو في الحفل الذي أقاموه في عاصمتهم بورت سودان؟ بل هل يؤمن مفضل وعصابته بأن الإخوة الأقباط الذين أقيم احتفال لأحد أبنائهم من مبدعي بلادنا بحضور أنبا كنيستهم – هل يؤمن مفضل ونظامه الإسلاموي بأن المسيحيين الأقباط وغيرهم من الطوائف المسيحية الأخرى في السودان لهم حق أن يكونوا في مرتبة واحدة كمواطنين من حيث التساوي في الحقوق والواجبات؟
إن الحرب التي قضت على مكتبة صديقنا المبدع السوداني نبيل غالي أشعلها حزبهم المجرم بهدف القضاء على ثورة ديسمبر 2018م كي يعودوا للتسلط على رقاب شعبنا الذي أذاقوه الأمرين لأكثر من ثلاثين سنة. أما الدعم السريع الذي يكيل له مفضل الشتائم فهو نفس المليشيا التي قاموا بمنحها الشرعية عبر مؤسساتهم (الدستورية) خاوية المحتوى. ولطالما تغنوا بسطوته وقدرته على كتم أنفاس الأعداء – أي الشعب السوداني! ولطالما تشدقت إحدى الكوزات بقدرة الدعم السريع أن يبسط لهم الأمن حيث تبقى (العذارى مطمئنات في خدورهن)!! واليوم أصبح الدعم السريع بقدرة قادر وحسب تعريفهم الجديد (قوات مرتزقة من تشاد وأفريقيا الوسطى والنيجر ومالي)! فقط لأن الدعم السريع الذي كان شريكهم في الإنقلاب على خيار الشعب ذات يوم قلب لهم ظهر المجن ورفض أن يلعب دور كلب الحراسة المطيع !
أولئك هم الكيزان، يظل الآخر عندهم هو العدو ما دام يحمل الرأي النقيض. بل إن الآخر المختلف عندهم هو من أشعل نير هذه الحرب. فعلينا أن نصدق أن قوى الحرية والتغيير (قحت) هي من أشعل الحرب. لا .. بل إن “تقدم” بقيادة الدكتور حمدوك هي شريك الدعم السريع !! وهكذا تبدو الهرطقة حين يدنو الأجل!!
ثم نراهم يستقبلون إحدى القونات، ويوفرون لها الحراسة المشددة ! بل يتبارون في حضور حفلاتها غير مبالين بما ألم بشعبنا من موت ودمار جراء حروبهم التي لم تقف يوماً واحداً مذ سطوا على السلطة قبل 34 عاماً. بل لا يعنيهم أن يموت كل السودانيين جراء السيول والفيضانات والجوع والأوبئة . فقد قال الجنرال البرهان بأنهم على استعداد ليحاربوا مائة عام!! ما نحن شعب هذه البلاد المغلوب على أمرها فليس لنا إلا أن ندعو الله مخلصين : (ربنا لا نسألك رد القضاء ولكننا نسألك اللطف فيه)!
أختم بأن جنرالات الكيزان في حربهم الخاسرة صاروا كالغريق الذي يمسك بالقشة أينما تقاذفه الموج. وحين لا يجد الغريق قشة لإنقاذه حينها يفاجئنا بالعجب العجاب! بامتداح حمدوك (عدوهم اللدود بسبب وبلا سبب) وترشيحه لحكومة لهم النية في إقامتها. فحمدوك حسب قوله يحظى بإجماع معظم السودانيين ، وأن هذه فرصته التاريخية لينقذ هذه البلاد !!
أعرف ما يعرفه الكثرة عن حمدوك: يجيد الإستماع ويعمل في صمت. لكن إخاله يرسم هذه المرة بسمة ماكرة وهو يستمع لهرطقة الخبير (الاسطراطيجي)!