“العطا” و”وهم السلطة” .. الحقيقة المغيّبة وراء الأكاذيب.!!

16

بلو نيوز الإخبارية: ادراك-

لا يزال ياسر العطا، مساعد عبد الفتاح البرهان القائد العام للجيش، يتهجم ويطلق الافتراءات والأكاذيب ضد القوى الديمقراطية المدنية (تقدم)، وآخرها المغالطات والاتهامات التي أطلقها أمس الأول في حديثه لتجمع صحفيين يمثلون النظام السابق، حيث زعم سيطرة هذه القوى على مفاصل الدولة، وهي مزاعم بعيدة كل البعد عن الواقع وتخفي الحقائق الأساسية بشأن الهيمنة الفعلية للإسلاميين وفلول النظام السابق على مفاصل مؤسسات سلطتهم التي أقاموها في بورتسودان، والتي تقوم بالأساس على أكتاف الحركة الإسلامية والمتحالفين معها من الحركات الدارفورية المسلحة.

مزاعم ومغالطات:

قال العطا إن القوى الديمقراطية المدنية، أو بالأحرى أفرادًا يتبعون لها، يسيطرون على مؤسسات الدولة الحيوية، مثل وزارة الخارجية وبنك السودان وديوان الضرائب والجمارك. إلا أن الواقع يؤكد أن هذه المؤسسات تخضع فعليًا لسيطرة مناصري النظام السابق (الإخوان المسلمين) وحلفائهم، وأبرزهم حركة العدل والمساواة التي يقودها وزير المالية جبريل إبراهيم، والتي تسيطر وحدها وبالكامل على مؤسسات كاملة مثل وزارة المالية وجميع المؤسسات الإيرادية التابعة لها، إضافةً إلى إدارات داخل الجمارك وميناء بورتسودان، وذلك بخلاف إدارة الضرائب العامة للدولة التي يديرها زوج شقيقة جبريل ويعيث فيها فسادًا ودمارًا. وفي الجهة الأخرى، هناك حركة مني أركو مناوي التي تسيطر على تراخيص إنتاج الذهب بواسطة محمد بشير أبونمو، وهو إضافة إلى كونه عضوًا بحركة مناوي، فهو أيضًا ابن خاله، بما يؤكد أن الفساد وسط قادة الحركات المسلحة تجاوز مكاتب الحركات وأصبح فسادًا عائليًا بامتياز.

وهكذا، يتضح أن ما تفوه به ياسر العطا لا يعدو كونه كذبًا بيّنًا ومحاولة لإخفاء سيطرة الحركة الإسلامية التي تسيطر على جيشه نفسه.

وتُثبت الحقائق على الأرض أن الكوادر الأساسية في الوزارات ليس بينهم أي شخص من تحالف “قحت”، بل إن وزارة الخارجية التي تحدث عنها تخضع بالكامل لسيطرة الحركة الإسلامية، ويُديرها من خلف الستار علي كرتي، الأمين العام للحركة الإسلامية.

العطا وحلم القبض على قوى الثورة:

اتهم العطا النيابة العامة بالتقصير في ملاحقة السياسيين المعارضين، وهو حديث أقل ما يقال عنه إنه مضحك؛ فالنيابة العامة قامت فعليًا ولا تزال تقوم بملاحقة المعارضين للانقلاب والحرب عبر الإنتربول، وقد أصدرت جميع النشرات بحقهم. لكن العطا، وبدلاً من أن يبذل جهده ووقته في هذا العبث الصبياني، عليه أن يعترف بفشل ملاحقة السياسيين خارجيًا بالقوانين التعسفية الداخلية، لأن هذه المذكرات لن تجد قبولًا لدى الإنتربول، حيث لا يتدخل الإنتربول في القضايا ذات الطابع السياسي أو العسكري أو الديني. وهذه من البدهيات القانونية التي يعرفها حتى رجال الشرطة، فضلًا عن رجال الدولة والقانون. وكان الأجدر بالعطا، بدلًا من هذه المعارك الوهمية، أن يعترف بجهلهم بالقانون كما في السياسة وإدارة الدولة بصفة عامة.

ما وراء الأكاذيب والافتراءات:

تصريحات العطا تعكس الوجه الحقيقي لأهداف هذه الحرب، فهي ليست مجرد صراع بين فصيلين عسكريين، بل هي محاولة لترسيخ سلطة عسكرية ديكتاتورية بحاضنة دينية استبدادية لقطع الطريق أمام أي آمال في انتقال مدني ديمقراطي في السودان، وهو ما لن يتحقق في ظلّ وجود قوى مدنية ديمقراطية تعمل على تأسيس دولة مدنية ديمقراطية حرة.

عداء العطا للقوى الديمقراطية ليس وليد اللحظة، بل هو قديم؛ وما استجد هو إخراجه هذا العداء إلى العلن لأول مرة بعد أن كان مستترًا حسب الدور المرسوم له. فمنذ فض اعتصام القيادة العامة، وما تلاه من مؤامرات لتعطيل الفترة الانتقالية وخلق أزمات أمنية وإثارة الاضطرابات، وصولًا إلى انقلاب 25 أكتوبر، تبرز نفس الأهداف؛ وهي خنق الثورة السودانية وقمع تطلعات الشعب نحو الحرية والديمقراطية.

خاتمة:

تأتي اتهامات ياسر العطا في إطار سلسلة طويلة من الافتراءات لتشويه صورة القوى المدنية الديمقراطية وتصويرها على أنها طرف من أطراف الحرب وصراعات السلطة والمكاسب. ورغم الادعاءات الزائفة، تظل القوى الديمقراطية ثابتة في مواقفها المعلنة والواضحة ضد الحرب وتفضح سردياتها الكاذبة. وهذه التصريحات ليست سوى امتداد لمحاولات طويلة لتشويه الحقائق حول أهداف هذه الحرب والسعي لمصادرة حقوق الشعب السوداني في الديمقراطية والتحول المدني.

إن هذه الحرب تهدف في جوهرها إلى عودة النظام القديم برافعة عسكرية استبدادية على حساب تطلعات السودانيين، وهي حقائق لن يمحوها التضليل إلا لمن أغمض عينيه عن الحقائق الدامغة، والتي هي أوضح من شروق الشمس التي حتمًا ستسطع في سماء السودان مهما تكاثرت السحب السوداء.

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *