علي سانتينويكتب: الانتهازية التافهة .. نموذج المثقفين !!

النخبة الانتهازية التي توارت خلّف القضايا الوطنية كذباً، هاهي تتعرى أمام الناس وتنكشف حقيقتها. انتهازية عبد الله علي ابراهيم ومحمد جلال هاشم لا نظير لها في التاريخ المعاصر، هؤلاء المثقفون اتضح أنهم مجرد جلابة (سلفه).. يمارسون النفاق لترسيخ حكم الشماليين، او ما يسمي حديثاً بالدولة النهرية(العمسيبية).. عبدالله ابراهيم إلى وقتٍ قريب يدعي القومية لكسب احترام النخب المتعلمة، ففي أخريات زمانه صار (بلبوسياً).. يحرض على الحرب والقتل وسفك الدماء، فوصل به الحال درجة التلفظ بكلمة (بل)..العبارة القذره التي ظل يلوكها سفهاء القوم من انصرافيون وقونات، ولم يتبقى لعبدالله ابراهيم إلا رفع شعار ترق كلّ الدماء والركض خلف براؤون ومصباحهم.! أما الانتهازي الآخر محمد جلال هاشم، فقد كان يدعي مناصرة المهمشين بالانحياز الفعلي لمشروع السودان الجديد الذي تبنته الحركة الشعبية وظلت تناضل من أجله سنين عديدة، وقد اثبتت الأيام انه كان إدعاءاً زائفاً مثل فيه الرجل دور المنحاز لقضايا الهامش بينما هو ضمن حراس الدولة القديمة المتشددين، ولولا حقيقة الحرب لسار مع الركبان ينادي بسودان جديد حتى ظننت انه من الصادقين، ولكن يا سبحان فان الحرب الماثلة نزعت عن الرجل لثام المنافقين للظهور بهيئته العنصريّة، ان مظاهر الانتهازية الفاضحه تكشف تفكير محمد جلال وعبد الله ابراهيم في التعاطي السافل مع الأزمة الوطنيّة كانّها امتياز لمجموعات جغرافية معينة، ما يفضح انحيازهم الواضح لهذه المجتمعات لا الوطن، خاصة بعد ان تحولوا إلى انصرافيين يؤمنون بالمبادئ العمسيبية، ويدافعون عنها بشكل متخلق ينافي أطروحاتهم كشخصيّات وطنيّة قدمت منتوجا فكريا لا بأس به، فقد بدأ الإنزعاج بينهم حين سقوط نظام البشير بثورة شعبيّة تنهي امتيازات السلطة والثروة لهذه العصابة دون قطاعات واسعة من الشعب السوداني، من الواضح أن إبراهيم وجلال هاشم لعبوا دور المثقف الانتهازي في تسويق ذواتهم كشخصيّات وطنيّة مخلصة، ولكن الحرب أظهرتهم كعنصريين لا فرق بينهم وناشطو الإعلام الكيزاني الذي أباح الذبح واكل الاحشاء أمام الكاميرات، فالأمر ليس كما يتلى على الناس هكذا من أكاذيب، فقد اتضح ان الحركة الاسلامية والحزب الشيوعي عمله واحده لوجهين، هذه العملات ماهي إلا أدوات للسيطرة على الموارد وتكريس السلطة في أيدي مجموعة تتلون مع اي نظام سياسي يعتلي سدة الحكم.!
ان ما يجعل هذه النخب لا تنام مع خطاب قائد ثاني قوات الدعم السريع أمام حشود من المقاتلين، هي ذات الأوضاع التي جعلت محمد جلال وعبد الله ابراهيم ينسلخون عن مدارسهم الفكرية لصالح مشروع اجتماعي ضيق، ليمارسوا الانحطاط بمواقع التواصل دفاعاً عن دولة الظلم الإجتماعي بكل سوءاتها، وهي ذات العقلية التي جعلت قائد ثاني الدعم السريع يتحدث عن تغيير مسار الحرب بعد ما عرف ان مركز السلطة هي الشمالية وليس الخرطوم كما يشاع توهماً، يبدو ان هذا التوصيف قد مس وكر النخبة الانتهازية التي ظلت تحشد البسطاء للقتال من أجل تمكينها، فبعضهم يبرر ان عبد الرحيم اخطاء التوصيف باعتبار ان الشمالية نفسها مظلومة كبقية أطراف السودان، وبالتالي استهدافها يعني استهداف المواطنين لا السلطة، متجاهلين مظاهر التسليح والاستنفارات التي تمت، ثم ماهو المواطن الذي يجب أن يظل آمناً بجانب مواطن آخر تدكه الطائرات المصرية والمسيرات الإيرانية دكاً، وكعادتهم لجأوا إلى أسلوب التحدي والإساءات العنصرية النتنة، كما فعلوا مع الراحل جون قرنق عندما قال انه يريد أن يشرب جبنة في المتمة. وفي محاولة لاستغلال قدرات الدولة واجهزتها يتم استقطاب ضعاف النفوس للدفاع عن حكم القتلة والسفاحين، كما يبدو أن النخبة الفاشلة مازالت تنظر إلى عبد الرحيم باحتقار كانّه (كيكل).. او اي مستنفر يمكن استخدامه ورمية في المزبلة، بالطبع هذه اللحظة يتم ربطها بالوظيفة السياسية التي تعتمدها السلطة مصدراً للعيش والثراء لا لتنمية الإنسآن والاعتراف بحقه الأصيل في المشاركة السياسيّة كوطني حر، هذه النخب اعتبرت أن الفريق عبد الرحيم دقوا مثله مثل من يقتادون من فتات بورتسودان حتى آخر رصاصة، لذلك صوروا خطابه بحديث الإلهاء السياسي والمناورة بعيداً عن ساحة المعركه، حيث فات على هؤلاء المتكبرين ان عبد الرحيم قد تحرر تماماً وما عاد هو ذاك الرجل الذي يتلقى التعليمات العسكرية الطاغوت، بل يمتلك من القوة والقدرة ما يخرص الألسن، فقد علمته الأيام أن من يقودون هذه الدولة الفاشلة ما هم إلا شُله من الفاسدين تجمع بينهم المصالح لا قضايا الوطن الكبير، فيعملون من أجل امتيازاتهم فقط ولا يملكون اي مشروع وطني للنهوض بالدولة السودانية، ولا نستبعد ان علاقة جلال وعبد الله إبراهيم بنظام البشير الدكتاتوري أقوى من علاقتهم بالثورة التي أطاحت به، حيث كانوا من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار يرفضون اي محاولة لتغيير البشير، وقد اتضح لاحقاً ان الحزب الشيوعي والحركة الإسلامية يتآمرون على حكومة الثورة بقيادة حمدوك لكونها تتبنى فكرة التغيير الشامل، وهي ذات المرحلة التي استيقظ فيها عبد الرحيم دقلو وآخرين، لمعرفة حجم الإستبداد والتسلط السياسي الذي تقوم به هذه العصابة على حساب الشعب السوداني، وهي جريمة يجب التصدي لها مهما كان الثمن، وقد لوحظ أن معظم هذّه الإخفاقات تتم خلف المؤسسة العسكرية او ما تسمى بالقوات المسلحة التي تفتقر للمهنية والقومية، بل تتجسد فيها مصالح العصابة السياسية وكتائبها المسلحة بشكل عنصري حقير، وبعد هبة السودانيين الاخيرة ادرك عبد الرحيم دقلو حقيقةً عدم وجود جيش وطني وقوى سياسية تحمل مشروعاً وطنياً يحقق العدالة والمساواة، بقدر ما هي نخب سياسية تتحالف حول السلطة، وهو امر لابد أن يكون قد وصل حده النهائي بعد اندلاع الحرب الحالية، كما يجب ان يفسح المجال لحل سياسي شامل ودولة سودانية بأسس جديدة تقوم على الديمقراطية والحرية والعدالة والسلام.