علي جاد الله يكتب: نهاية قرار مجلس الأمن 2736 بعد خروج المواطنين من الفاشر

نهاية قرار مجلس الأمن 2736 بعد خروج المواطنين من الفاشر
علي جاد الله
في 13 يونيو 2024م، قدمت المملكة المتحدة مشروع قرار أمام مجلس الأمن أخذ الرقم 2736، القاضي بفك الحصار عن مدينة الفاشر ووقف الاقتتال حولها أو فيها. وقد أيد القرار 14 عضوًا وامتنعت روسيا عن التصويت.
وإليكم أهم بنود قرار مجلس الأمن 2736:
* مطالبة قوات الدعم السريع بوقف حصار الفاشر، والدعوة إلى وقف فوري للقتال وخفض التصعيد في الفاشر ومحيطها، وسحب جميع المقاتلين الذين يهددون سلامة وأمن المدنيين.
* مطالبة جميع أطراف النزاع بأن تكفل الحماية للمدنيين، بما في ذلك السماح للمدنيين الراغبين في التنقل إلى مناطق أكثر أمنًا داخل الفاشر وخارجها بالقيام بذلك.
* الدعوة إلى التنفيذ الكامل لمعاهدة جدة بشأن الالتزام بحماية المدنيين في السودان، والسماح لأطراف النزاع وتيسيرها المرور السريع والآمن والمطرد للإغاثة الإنسانية للمدنيين، وملاحظة التدابير التي اتخذتها السلطات السودانية في هذا الصدد، والدعوة إلى إعادة فتح معبر أدري الحدودي لإيصال المساعدات الإنسانية.
* مطالبة جميع أطراف النزاع بالامتثال للقانون الدولي الإنساني، واحترام وحماية المرافق المدنية، بما فيها المستشفيات والمرافق الطبية والمدارس وأماكن العبادة، إضافة إلى العاملين في مجال تقديم المساعدة الإنسانية والعاملين في القطاع الطبي.
* دعوة أطراف النزاع إلى السعي نحو وقف فوري للأعمال العدائية يفضي إلى حل دائم للنزاع عن طريق الحوار.
جاء قرار مجلس الأمن بعد أن فرضت قوات الدعم السريع الحصار على قوات جيش برهان في المدينة (الفرقة السادسة مشاة)، والحركات المسلحة الموالية لها. وكذلك جاء القرار بعد ضغوط من منظمات المجتمع المدني وأطراف أخرى على المملكة المتحدة التي قدمت مشروع القرار الذي كان يهدف في الأساس إلى حماية المدنيين وتقديم المساعدات الإنسانية لهم، والسماح للمواطنين بالتنقل إلى المناطق الآمنة وفتح معبر أدري الحدودي الذي أعلنت سلطات بورتسودان أنها فتحت المعبر رغم أنه لا يخضع لسيطرتها!
ولكن مما يؤسف له أنه خلال الأشهر العشرة التي تلت إصدار القرار لم يصدر مجلس الأمن أي قرار يخص وقف قصف طيران جيش برهان. بل كانت هناك دعوات صريحة من الأطراف المؤيدة لجيش برهان والحركات المسلحة الموالية له بقصف المدنيين في المناطق المجاورة كالكومة وكبكابية وحمرة الشيخ ونيالا تحت ذريعة أنهم يستهدفون الأسلحة والقوات المحاصرة. مما يؤسف له أن مجلس الأمن نفسه يتعامل بازدواجية المعايير فيما يخص حماية المدنيين. وأن الوضع المسلح والعمليات العسكرية حول الفاشر تسببت في كوارث للمدن في دارفور، خاصة قصف الطيران الذي خلف آلاف الضحايا، آخرهم مجزرة الطيران على سوق طرة التي خلفت 400 قتيل وأكثر من 1000 جريح. وأن قرار مجلس الأمن 2736 أطال أمد الحرب في الإقليم، بل يعد أحد الأسباب التي شجعت برهان على استخدام الطيران خلال كل هذه المدة التي لم يصدر فيها مجلس الأمن قرار يوقف استهداف الطيران للمدنيين.
خروج المواطنين من المدينة
بُني قرار مجلس الأمن على تقارير ومعلومات مضللة، تقول بأن الفاشر يسكنها حوالي 1.5 مليون نسمة، من بينهم 800 ألف من النازحين. هذا الرقم لا يُصدق، لأنه بعد مرور شهرين من الحرب في المدينة التي بدأت في 13 أبريل، ثم إصدار القرار في 13 يونيو، فرّ كثير من المواطنين خارج المدينة نحو المناطق الآمنة. هذه المعلومات المضللة عملت عليها عدة منظمات مجتمع مدني موالية سرًا لجيش برهان. وأن الصحيح أن هناك قلة من السكان يقل تعدادهم عن 10% ظلوا موجودين لغاية الربع الأخير من عام 2024م.
خلال الأيام الماضية، قامت قوات الدعم السريع والحركات المسلحة الموقعة على إعلان ودستور السودان التأسيسي بفتح ممرات آمنة لخروج المواطنين والنازحين نحو مدينتي طويلة وكورما غرب الفاشر؛ والآن تتم عملية التفويج لعدة أيام وبإشراف منظمات دولية ومحلية. وبعد انتهاء عمليات الإجلاء في المهلة المحددة؛ سيكون قرار مجلس الأمن 2736 بلا أي فعالية، لأن القرار بُني أساسًا على حماية المدنيين والسماح لهم بالخروج إلى الأماكن الآمنة وتقديم المساعدات الإنسانية لهم. إذًا، القرار موجه لحماية المدنيين وليس معنيًا بالأطراف المتحاربة حول من يسيطر على المدينة، وبعد إجلاء المواطنين من المدينة سيكون قرار مجلس الأمن غير فعال.