عمار سعيد: الزحف العظيم: تحالف تأسيس يفتح بوابات النصر ويتهيأ لإعلان حكومة الشرعية

بقلم: عمار سعيد
في تطور هو الأخطر والأوسع في مسار الحرب السودانية، أطلق تحالف تأسيس بقيادة قوات الدعم السريع أضخم عمليات حربية منسقة في تاريخ السودان الحديث، من العوينات على تخوم ليبيا، مرورًا بـبابنوسة والفاشر وعروس الرمال، وامتدادًا إلى جنوب كردفان والنيل الأزرق وولايات الشمال، في زحف عسكري متعدد المحاور لاجتثاث ما تبقى من مليشيات البرهان والكتائب العقائدية المتحالفة مع بقايا النظام البائد.
هذه العملية، التي وُصفت بـ”الزحف العظيم”، لم تأتِ فقط في توقيت عسكري حاسم، بل تزامنت مع قرب إعلان حكومة تأسيس الشرعية، كأول جسم سياسي-مدني يعبر عن الإرادة الجديدة في السودان ما بعد الانقلاب.
خطة الزحف: تطويق العاصمة بخنادق النار والسياسة
تحركت القوات بتكتيك دقيق ومدروس، وفق خطة وضعت على مراحل، هدفها تجفيف منابع القوة العسكرية للبرهان قبل الوصول مجددًا إلى الخرطوم، وشملت:
- محور الغرب (الفاشر – زالنجي – الجنينة):
تم فيه تفكيك منظومات القيادة والسيطرة التابعة للمليشيات، والسيطرة على عقد الطرق بين دارفور وكردفان.
- محور الجنوب الغربي (بابنوسة – الفولة – المجلد):
وهو الخط الحيوي الذي يربط غرب كردفان بخطوط الإمداد القادمة من الأبيض، وتمت السيطرة عليه بالكامل.
- محور الأبيض – الرهد – أم روابة:
يمثل المعبر الاستراتيجي نحو وسط السودان، وشهد اشتباكات مركزة انتهت بسقوط أهم مراكز التموين والاتصالات للجيش النظامي.
- محور جنوب كردفان (كادوقلي – الدلنج – أبو جبيهة):
فتح هذا المحور الجبلي المعقّد أمام تحالف تأسيس بعد انهيار دفاعات قوات البرهان والقوات المشتركة التي كانت تتحصن فيه لسنوات.
- محور النيل الأزرق (الدمازين – الرصيرص):
نجحت القوات في اختراق الخط الدفاعي الطويل للنظام، والتحامها مع قوى مدنية مسلحة متحالفة، ما وفّر دعمًا استراتيجيًا للزحف على الخرطوم من الشرق.
- محور الولايات الشمالية (مروي – دنقلا – عطبرة):
وُصف هذا المحور بـ”الضربة الصامتة”، حيث تم تنفيذ عمليات نوعية أضعفت بنية الاستخبارات الحربية للنظام وقطعت الإمدادات القادمة من مصر.
التحالف الجديد: توحيد البندقية والرؤية
أبرز ما يميز هذه المرحلة هو تحول الدعم السريع من قوة عسكرية منفردة إلى قيادة لتحالف واسع – “تحالف تأسيس” – يضم قوى سياسية وثورية وأهلية وعسكرية، توحّدت على هدف واحد: إسقاط مشروع الدولة الأمنية وبناء دولة مدنية عادلة.
هذا التحالف لا يتحرك فقط بالبندقية، بل يحمل رؤية متكاملة للدولة السودانية الجديدة، تقوم على:
إنهاء هيمنة العسكر على السياسة.
تفكيك المنظومة الأمنية العقائدية.
بناء جيش وطني موحد بعقيدة دفاعية، لا انقلابية.
وإطلاق عملية سياسية شاملة تنتهي بانتخابات حرة تحت مظلة حكومة تأسيس وطنية.
الخرطوم تترنح: السقوط بصمت
تُظهر التقارير الواردة من داخل الخرطوم أن حالة من التصدع والانهيار تضرب صفوف مليشيات البرهان، وسط انقسامات داخل وحدات الجيش النظامي، وتزايد حالات الفرار أو تسليم السلاح.
القوات القادمة من كل المحاور ستكون على مشارف العاصمة قريباً وستحاصرها بحلقات نارية متداخلة، في انتظار ساعة الصفر التي لن تكون صدامًا مفتوحًا بل “عملية تحرير ذكية” تُراعي المدنيين بقوات أكثر تنظيمًا وتدريبًا كما ذكر قائد قوات الدعم السريع وتضمن استعادة العاصمة بأقل الخسائر.
قرب إعلان حكومة تأسيس: السياسة تكمل ما بدأه السلاح
بالتوازي مع الانتصارات الميدانية الأخيرة، تعكف قيادة تحالف تأسيس على اللمسات الأخيرة لإعلان حكومة تأسيس الشرعية، لتكون أول حكومة مدنية حقيقية تنبثق من داخل الميدان، وليست نسخة معدّلة من النظام القديم.
الحكومة المرتقبة ستحمل:
مشروع دستور مدني انتقالي.
خطة طوارئ اقتصادية.
برنامج للعدالة الانتقالية والمصالحة.
وهيكل جديد للأمن والجيش، قائم على المهنية لا الولاء.
النصر بين السلاح والعقل
الزحف العظيم الذي يقوده تحالف تأسيس، بقيادة قوات الدعم السريع، لم يعد فقط حملة عسكرية، بل ثورة مؤسسة، تنهي عهد الدكتاتورية، وتفتح بوابة وطن جديد يستحقه السودانيون.
ومع كل كيلومتر تقترب فيه القوات من الخرطوم عاصمة الأشباح، يقترب السودان أكثر من فجر جديد.. فجر الحرية، والعدالة، والسلام الحقيقي.