المتطرفون في الحرب السودانية.. هل يواجه (حميدتي) الارهاب؟
تقرير: رايتو – بلو نيوز الإخبارية – مخاوف جمة يستشعرها السودانيون ودول المحيط الاقليمي من تمدد حرب 15 ابريل وتوسع رقعتها واستمرارها، مخاوف محاصرة بكوابيس ظهور الحركات الارهابية وتسيدها المشهد في أعقاب بروز شواهد عديدة تشي بامكانية ذلك، خصوصا بعد ان اصبح قرار الحرب وادارتها في يد اسلاميي الخرطوم دون نفي أو اخفاء أو إنكار، ووقوفهم ضد اي مشاريع أو مبادرات لوقف الحرب.. فمن هي المجموعات الاسلامية الارهابية التي يرجح انها تقاتل بجانب الجيش من كتائب وجهاديين؟
زاوية مهمة
لا يبدو أن مخاطر الحرب الحالية وامكانية أن ينتج عنها خلخلة للنظام الاقليمي والدولي أمرا مستبعدا، كما لا يبدو أن وجود جماعات ارهابية في السودان وليد لحظات الحرب أو مقتصرا على على استغلال المساحة المتوفرة للدخول الى السودان، بل يأتي في سياق خطة ممنهجة الهدف منها محاولة تعديل ميزان القوة لصالح الجيش والاسلاميين الذين يخوضون الحرب ضمن معسكر واحد في مواجهة قوات الدعم السريع.
ويذهب المحلل الاستراتيجي حسن سيد أحمد في حديثه لـ(راينو ) الى أن واحدة من اهم اسباب استطالة عمر نظام الانقاذ المباد خاصة في سنواتها العشر الاخيرة هي قدرتها علي إقناع الولايات المتحدة بأنها صمام أمان ضد الجماعات المتشددة في امتداد الحزام السوداني من الصومال شرقا حتي مالي غربا، واضاف: وكان هذا هو المشروع الأمريكي الذي بنت عليه الادارة الامريكية مشروع الهبوط الناعم، أي نظام مدجن يقدم مجموعة خدمات للغرب منها امتصاص تأثير الجماعات الإسلامية في أفريقيا. وتابع: هذا كان خط سياسي في الحركة الإسلامية ومثل صلاح قوش رأس الرمح فيه.
وابان سيد أحمد الى أنه وبناء على هذه الرؤية تم بناء اضخم سفارة امريكيه في القارة، مع وعود أمريكية للخرطوم بأن تشهد نهضة اقتصادية ضخمة تضمن للسودان أن يكون دولة مؤثرة عوضا عن إثيوبيا، وهذا الامر حدثت فيه تفاهمات كبيرة إبان تولي ابراهيم غندور منصب وزير الخارجية.
عليه يبدو أن اسلاميي الخرطوم نجحوا في ايجاد مبرر موضوعي لاستجلاب عناصر ارهابية الى الخرطوم تحت اعين وسمع وبعلم الادارة الامريكية في سياق أو تحت عنوان ادارة حوارات فكرية أو لوضعهم تحت السيطرة في سياق تسوياتهم المتعددة للبقاء في الحكم بالسودان، وهو ما يبرر اصرار المبعوثي الامركيين السابقين دونالد بوث وبريستون ليمان وقبلهم اسكوت غرايشون وتصريحاتهم لدى مغادرتهم الخرطوم وانتهاء فترة عملهم قبل الثورة السودانية، بأن الادارة الامريكية لا تدعم تغيير النظام السوداني بالقوة.
تحذيرات ومخاوف
المخاوف الدولية والأقليمية فضلا عن المحلية لم تكن سرابا حيال إمكانية استيراد المجموعات الارهابية وبروزها في السودان مستغلة حالة الحرب التي يوظف فيها وعبرها الاسلاميون كل ادواتهم للعودة للسلطة بما في ذلك علاقاتهم مع التنظيمات الارهابية التي احتضنها اسلاميو الخرطوم سابقا..
أبرز المخاوف والتحذيرات جاءت في اغسطس الماضي على لسان مسؤول برنامج القطاع الأمني في الهيئة الحكومية للتنمية (الإيقاد) أبيبي مولونيه، الذي حذر من استغلال الجماعات الإرهابية الفراغ في السودان للتمدّد وتابع: «الجماعات الإرهابية في سوريا تبحث عن فراغ لاستغلاله بعد هزيمتها. هذا الفراغ متوفر الآن في منطقة شرق أفريقيا». وأوضح أنه «على سبيل المثال هناك خطر في السودان. إذا لم يتم التوصل لحل للمشكلة في السودان، فمن المعتقد أن الجماعات الإرهابية سوف تستغل هذا الفراغ».
وفي العام 2019 حذرت وزارة الخارجية الأميركية من وصول تنظيم الدولة الإسلامية الى السودان بعدما تقلصت كثيرا مناطق سيطرته في سوريا والعراق. وقالت الوزارة الأميركية في تقريرها حول الإرهاب العام 2019 “رغم غياب الهجمات الواسعة في السودان، يبدو ان تنظيم الدولة الإسلامية لديه شبكة نشطة من المسهلين في السودان”. وأضافت أن مسؤولين “أقروا بوجود ’متطرفين’ مرتبطين بتنظيم الدولة الإسلامية في البلاد” التي تحدها مصر شمالا حيث ينشط تنظيم الدولة الإسلامية في شبه جزيرة سيناء.
ارهابيون في المشهد
يذهب المستشار الاعلامي الاسبق لرئيس الوزراء السوداني المستقيل فايز السليك في حديثه لـ(راينو) الى أن وجود الجماعات الاسلامية في السودان ليس سرا، فمنذ استيلاء الجبهة الاسلامية على السلطة في عام ١٩٨٩ فتحت الابواب لكل الجماعات الاسلامية من خارج البلاد، بل كانت تحتضن زعيم القاعدة اسامة بن لادن، وبوكو حرام فضلا عن قيادات لحركات الشباب الصومالي الذين درسوا في جامعة افريقيا، اضافة الى تفريخ طلاب وطالبات لداعش. واضاف: نشاة النظام الاسلامي جعلته حاضنة لكل التطرف. منوها الى ان الحرب الحالية توجد كتيبة البراء بن مالك والمعتصم بالله اللتان تقاتلان علنا الى جانب الجيش؛ فضلا عن وجود عناصر مؤثرة من الاسلاميين داخل الجيش وتختطف قراره، وهذا اهم اسباب استمرار الحرب .
من جانبه يرى المحلل الاستراتيجي حسن سيد احمد أنه من ناحية مبدئية فإن الجماعات الإسلامية لا تثق في الحركة الإسلامية السودانية بناء على تجارب معروفه كالغدر الذي حدث لأكثر من قيادي فضلا عن عمليات الاحتيال التي تعرض لها البعض من رموز في النظام المباد، واستدرك: لكن جمعتهم مصالح استمرت لاحقا حتى بعد القطيعة مثلا استثمارات الحركة الإسلامية العالمية في التصنيع الحربي بما يشمل إيران وحماس كشركاء.
وأكد سيد أحمد أن فترة الإنقاذ الاولى وفرت حاضنة للجماعات من الخارج وجندت الآلاف من السودانيين وما تزال بقاياها موجودة، مشيرا الى أن اغلبها تقاتل مع داعش في سوريا كقيادات، واضاف: هذه العناصر يمكن لها أن تعود الى السودان لتواصل ذات عملها هنا مستغلة حالة اللا دولة، قاطعا بأن الجماعات الاسلامية الارهابية يمكنها الوجود والعمل في السودان ولكن ليس بناءا على توجيهات او طلب من مجموعة علي كرتي بل لوجود خلايا نائمة لها وحالة اللا دولة، وتابع: فكل الشروط الموضوعية متوفرة لها في السودان مع وجود خطوط اتصال وامداد من الصومال وحتى مالي.
التحليلات تذهب الى أن الوضع في السودان مغري للجماعات الارهابية حتى تفد الى اراضيه خصوصا في ظل سيولة الاوضاع الامنية بفعل الحرب التي اشعلها ويقودها الاسلاميون كما يرى البعض، ويرى المحلل السياسي فيصل ياسين في حديثه لـ(راينو) أن هشاشة الأوضاع على حدود السودان يوفر فرصة مناسبة لتسلل العناصر الإرهابية بالاضافة لتوفر حدود مع دول تنشط فيها الجامعات الارهابية كالحدود مع ليبيا وافريقيا الوسطى وتشاد. واضاف: هناك طموح مبكر لتنظيم داعش الإرهابي بتأسيس “ولاية” في السودان عبر خلايا نائمة، وتمرير عناصر من دول الساحل الإفريقي إلى دارفور، كذلك وجود من يمكن أن يوفر ملاذا لجماعات إرهابية داخل السودان، مثلما اوى المعزول البشير أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة وقيادات إرهابية أخرى، بالاضافة الى امكانية أن تستغل الجماعات الارهابية الوضع الاقتصادي المتردي في السودان فتعمل على اغراء أشخاص بالمال للانضمام لها.
ويرى فيصل أن غرب السودان عامة ودارفور بشكل خاص غربا يمكن ان يكون ملاذا للجماعات الارهابية لقربه من منطقة الساحل الإفريقي التي اكتسب الإرهابيون فيها نفوذا كبيرا، وتابع: في الشرق فإن ولايات البحر الأحمر وكسلا والقضارف على الحدود بين إريتريا وإثيوبيا يمكن أن تكون ملاذا، خاصة مع وجود حركة الجهاد الإسلامي الإريترية، التي كانت مدعومة من البشير وحسن الترابي، والمرتبطة بتنظيم القاعدة في اليمن وحركة الشباب الإرهابية في الصومال.
تأثيرات ومهددات محتملة
في السياق أعتبر المحلل السياسي والصحفي عثمان فضل الله أن ثمة أربعة كتائب تقاتل مع الجيش السوداني، حددها في كتيبة البراء بن مالك والكتيبة الخضراء والمعتصم بالله وكتيبة اخرى لم يستحضر اسمها..
وقال عثمان في حديثه لـ(راينو) إن الكتائب الاربعة تمثل تيارين، أحدهما تيار عريض تكون أو تشكل ما بعد 15 ابريل وهو الاخطر لجهة انضمام العديد من التنظيمات الاسلامية الاخرى غير الاخوان المسلمين أو غير المؤتمر الوطني، واضاف: هناك مجموعات اخرى متطرفة من التنظيمات الاسلامية برزت عناصرها في القتال ضد الدعم السريع، ولعل أبرز رموز تلك التنظيمات ويمكن الاشارة اليه مدير مركز مكة للعيون وهو طبيب انضم لواحدة من التنظيمات الاسلامية وهي السرورية، ايضا الدعم الكبير الذي وجدته الحرب بتوجيه منسوبي المجموعات التابعة لعبد الحي يوسف ومحمد عبد الكريم امام مسجد الجريف وهؤلاء وجدت توجيهاتهم الطاعة ، بالتالي هذه هي اخطر الكتائب التي تشكلت، فضلا عما رأه الجميع من محمد علي الجزولي المعروف بصلاته مع تنظيم داعش، وقال: كما قلت هي اربعة كتائب منها ما يتبع المؤتمر الوطني واخرى تابعة للتنظيمات الارهابية..
ونمذج فضل الله لوجود التنظيمات الارهابية ومشاركتها في التقال مع الجيش من خلال ما يعرف بمجموعة العمل الخاص وقال: الان ما يعرف بالعمل الخاص، وهي تقوم بعمليات قتل بطرق بشعة جدا في منسوبي الدعم السريع وغيرهم من المشتبه فيهم، وهي التنظيمات الاسلامية المتطرفة، وراينا ما حدث في مدني بقتل ما يقارب الـ150 شخص حسب اعلام الدعم السريع و50 حسب مصادر محايدة لمجرد الاشتباه وحرق الجثث الذي تم بالقرب من جامعة الجزيرة. وتابع: ايضا القتل الذي شاهدناه يتم لمنسوبي الدعم السريع في منطقة الدروشاب وأمرهم بحفر قبورهم بايديهم وتم تصفيتهم بدم بارد داخل تلك الحفرة وتصوير ذلك والتكبير والتهليل.. وشدد عثمان على أن اخطر الجرائم التي تعكس مشاركة التنظيمات الارهابية ما تم في بداية الحرب في الثورة الحارة الخامسة، وكيف تم ذبح شاب جريح امام جمع من الناس وسط تكبير وتهليل. وقال: كل الملامح التي كنا نراها في داعش والتنظيمات الارهابية المتطرفة في ليبيا وسوريا والعراق وغيرهم من البلدان ايضا شاهدناه في هذه الحرب لكن لايوجد تسليط ضوء عليها لاعتبارات الخوف أو التخويف والارهاب الفكري والقمع الذي يتم على الناس في مواقع التواصل الاجتماعي وعلى الناس في الارض داخل السودان. منوها الى أن ممارسات التنظيمات الارهابية العالمية ورايناها في اماكن اخرى حاليا نفذت وبطرق قد تكون أبشع من تلك في الحرب الدائرة بالسودان..
النصر أو الهزيمة
ويهب فضل الله الى أنه لا يوجد تاثير على الاقليم والمحيط حول السودان حاليا لجهة أن التنظيمات الارهابية مشغولة في الوقت الحالي بعدو داخلي، واستدرك: ولكن التاثير قد يبدأ ما بعد الحرب سواء هزمت الحركة الاسلامية او انتصرت، مشيرا الى أنه في حال هزمت الحركة الاسلامية ستظهر هذه التنظيمات بالتفجيرات والاغتيالات وغيره، وقال: بالتالي هذا يؤثر بشكل مباشر في الامن والسلم في الاقليم وخاصة أننا نرى ما يحدث في البحر الاحمر من صراع، ورجح عثمان أن يكون أول المتأثرين مصر بحكم العداء التقليدي بينها وبين هذه التنظيمات التي في الوقت الحالي في بداية تشكلها لكنها تتجه من قوي لأقوى بمرور الايام..
وربط عثمان فضل الله وجود تلك التنظيمات الارهابية ومشاركتها في الحرب مع ما يعرف بالمقاومة الشعبية، وقال: خطورة المقاومة الشعبية أنها وفرت سلاحا قل أو كثر السلاح قل او كثر في ايدي غير منضبطة عسكريا بالتالي سيتم استخدام هذه السلاح وفقا لأهوائها الشخصية أو ميولها العقدية، واضاف: وبحكم تاثير النظام خلال ال30 عاما الماضية على الذهنية السودانية وما ضخاه من اسلام سياسي اصولي، اختفت مسألة الاسلام الوسطي في اجهزة الاعلام والمساجد وسلمت الحركة الاسلامية مسائل الفتوى والدين للجماعات المتطرفة من انصار سنة وسرورية التي يتزعمها امثال عبد الحي يوسف وغيره من قادة التنظيمات المتطرفة .. وتابع: لذا كثير من السودانيين فهمهم للاسلام فهم اصولي نابع من هذه التنظيمات بالتالي سيتم استخدام السلاح وفقا لهذه العقلية التي تنظر للاخر باعتباره ضال وهي وحدها صاحبة الحق والفرقة الناجية وهي التي يجب ان تجبر الجميع في الدخول في الدين الاسلامي.. هذه الخطورة.
واعتبر عثمان أن اي شخص قبل بحمل السلاح ضمن المقاومة الشعبية وفق الدعاية الاعلامية الموجودة حاليا هو مشروع ارهابي محتمل في اي وقت من الاوقات حال حدثت هزيمة للحركة الاسلامية، وقال: الحركة الاسلامية باعلامها لن تقبل الهزيمة ولن تنظر لها كهزيمة لها كتنظيم ولكن سيتم تصويرها كهزيمة للشارع وهزيمة للاسلام والتيار الاسلامي والمسلمين، وأن السودانيين عابرون لدولة الفسق والكفر مثلما كانوا يروجون خلال حكومة الفترة الانتقالية..
وشدد فضل الله على أنه في حال انتصرت الحركة الاسلامية حاليا فهذا يعني انتصار
للتنظيمات الارهابية ، وستسيطر هذه التنظيمات وستاتي بشكل اكثر قسوة وشراسة لسحق اعدائها وقتلهم وستكون متحكمة بشكل كبير في الشارع، واضاف: هم نفسهم يتحدثون عن انهم لن يعودوا للاخطاء التي ارتكبوها سابقا، وهم لا يقصدون بالاخطاء ادارة الدولة والفساد المسشتري بل يرون الاخطاء في أنهم تسامحوا مع اعدائهم رغم القمع خلال ال30 عاما الماضية.
ورجح عثمان بأن انتصار الاسلاميين يعني حدوث مجازر لكل من ساهم في ثورة ديسمبر وقال: بعد تصفيتهم للاعداء سيتجهون للمرحلة الثانية مرحلة تصدير الثورة وهذا يعني تصديرهم للتجربة الى الاقرب اي الجارة الشمالية مصر ومن ثم غرب السودان لتشاد ومالي وافريقيا الوسطى، وهب دول تعاني اصلا من هشاشة واستقطاب ديني، بالاضافة الى ما يحدث على الجانب الشرقي حيث اثيوبيا الموضوعة كدولة عدو رئيسي، ولها اشكالاتها، وتابع: كلنا نستحضر قناة طيبة ورسالتها التي تبث باكثر من لغة افريقية وكان فيها رسالة موجهة لاثيوبيا وتصدر لهم الدين المتطرف.. بالتالي ظهور هذه التنظيمات في ظل الوضع الحالي يشكل خطر على السودانيين كسودانيين وعلى الاقليم.
لماذا يعادي الاسلاميون حميدتي؟
انحياز الاسلاميين الواضح ومقاتلتهم منذ اليوم الاول في حرب 15 ابريل الى جانب الجيش أضحى من الحقائق المبذولة في قارعة الطريق ومن المسلمات، في ظل استفهام مركزي حيال سر معاداة الاسلاميين لقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو .
وتذهب التحليلات الى أن موقف حميدتي الذي عبر عنه في 9 ابريل 2019م وبيانه الذي أعلن فيه عدم تعرض قواته للمعتصمين في ميدان الاعتصام هو ما اسهم في تراجع مخططات الاسلاميين وارتكابهم لمذبحة فض الاعتصام بعد 6 ابريل. خصوصا وأن تلك الفترة شهدت نوعا من التصدع داخل الاجهزة الامنية والعسكرية للنظام، مما يمكن معه اندلاع اقتتال داخلي.
ويرى انصار تلك الفرضية أن بيان 9 ابريل غير في معادلة القوة من خلال خوف الاسلاميين من الصدام فيما بين المكونات العسكرية، ومن ثم برزت تمثيلية الانحياز للجماهير، والعمل فيما بعد على احتواء الثورة وتكسيرها واحداث الوقيعة بين مكوناتها عبر الاجهزة الامنية.
فيما يرى حسن سيد أحمد أن سر العداولة الحقيقية بين الاسلاميين وحميدتي حد تفجير الحرب في مواجهة قواته والسماح للارهابيين بالمقاتلة الى جوارهم وجوار الجيش لصالح هزيمة حميدتي، يأتي من أن حميدتي ورث كل تركة الاسلاميين المحليين وشركائهم الدوليين أو الاقليميين في السودان، فاصبح يمتلك ما يقارب الـ30% من التصنيع الحربي، واضاف: كما ورث علاقتهم الخارجية التي كانوا يديرون بها مصالحهم الخارجية وقت الحصار الأمريكي كالعلاقة مع المافيا الروسية وفاغنر وغيرها من العصابات العالمية.
بينما يذهب السليك الى أنه دون شك توجد علاقات عابرة الحدود الجغرافية بين الجماعات الاسلامية التي لا تعترف بالجغرافية، وهذا ما يحفزها للاشتراك في القتال في كل مكان، وأضاف: وسبق ان شاركت عناصر سودانية في سوريا وليبيا والعراق والصومال، مثلما كانت السلطات تدعم الجهاد الاريتري وجيش الرب والجماعات المصرية.
اصطدام ومواجهة الدعم السريع لجماعات ارهابية بدا منطقيا في مشهد الحرب الحالية، خصوصا بعدما كشف موقع ”يورو بوست” الأمريكي في اغسطس المنصرم كواليس لقاء سري بين الجيش السوداني وتنظيم بوكو حرام الارهابي بنيجيريا في يونيو من العام الماضي.
شواهد على الوجود
وكشف الموقع في تحقيق حصري عن أدلة مثيرة للاهتمام تشير إلى تحركات غير معلنة بين السودان ونيجيريا، وقال: أثناء بحثنا في صفحات رادار الطيران، عثرنا على رحلة خاصة غادرت السودان في الساعات الأولى من يوم 8 يونيو. والأمر الغامض هو أن جميع تفاصيلها، بما في ذلك رقم الرحلة، كانت مخفية عن أعين الجمهور.
وضم اللقاء بحسب الموقع شخصيات بارزة من الجيش السوداني وقادة بوكو حرام، وأن هذا الاجتماع الذي تم خلف الكواليس قد لفت انتباه أعلى المستويات في البيت الأبيض الامريكي ووكالة المخابرات المركزية.
ونقل الموقع عن مصادر دبلوماسية في واشنطن أن مناقشات داخلية تجري في البيت الأبيض بسبب هذه المعلومات الثاقبة لوكالة المخابرات المركزية حول الموضوع.
وأبلغ مسؤولون نيجيريون (يورو بوست) بملاحظاتهم الخاصة عن اللقاء، وأن فريقاً مكوناً من سبعة أفراد من الجيش السوداني قد أجرى اتصالات مع نظرائهم في بوكو حرام تحت ستار مبادرة لإطلاق سراح سجناء، وأدى ذلك إلى تحرك نيجيري سريع في 9 يونيو، حيث تم إخراج وفد الجيش السوداني وحظر دخوله مرة أخرى للبلاد.
ولم يتأخر عملاء المخابرات المركزية في السعي لاستجلاء الأمر، حيث أكد اربعة مصادر لهم صلة بالمخابرات الامريكية لـ(يورو بوست) ان واشنطن استوضحت الجيش السوداني حول الأمر، وان رده ألمح إلى احتمالات عدم الالمام بالمسألة أو إساءة استخدام أوراق الاعتماد الدبلوماسية.
وسارعت الولايات المتحدة الأمريكية باستنكار لاي اتفاق مع هذه الجماعة المصنفة ارهابية.
امكانية مشاركة التنظيمات الارهابية في الحرب الحالية لا يبدو مستبعدا خصوصا في ظل شواهد عديدة تؤكد وجودهم على الارض السودانية عامة والخرطوم خاصة. ويعدد فيصل ياسين تلك الشواهد في أنه عام 2012 ألقت السلطات القبض على خلية “الدندر”، وهي تعد لتفويج مقاتليها إلى الصومال وليبيا والعراق وسوريا ومالي.
وفي سبتمبر 2021 قتلت أجهزة الأمن في ضاحية جبرة، جنوب الخرطوم 4 من عناصر داعش، رجلين وامرأتين من جنسية مصرية، ضمن 4 خلايا للتنظيم في “جبرة”. واضاف: من 2014 حتى 2018 استقطب تنظيما القاعدة وداعش طلبة جامعات سودانية، وطلبة سودانيين يدرسون في بريطانيا؛ ما يعني إمكانية العودة لتجنيد أعداد أخرى.
وفي سبتمبر الماضي كشف تقرير أممي عن تمويل عمليات داعش في السودان من خلال شركات في تركيا واورد منبر الدفاع الافريقي ان تحقيق أممي خلص إلى أن رئيس عمليات داعش في السودان يمول تلك الأنشطة من خلال تعاملات تجارية غير مشروعة في تركيا، ومنها مكاتب صرافة فتحها تحت أسماء مزورة و أن المدعو أبو بكر العراقي، زعيم تنظيم داعش في السودان، يمول عملياته سراً من خلال شركات في تركيا. وأبلغ المحققون مجلس الأمن الدولي أن العراقي يمتلك عدة شركات في كلٍ من تركيا والسودان، ومنها مكاتب صرافة ووكالة سياحة أسسها تحت هويات مزورة.
ويرى التقرير ان داعش لها وجود في السودان ، وان العراقي يعتمد على ما يتراوح ما بين 100 إلى 200 من مقاتلي داعش الذين يوصفون، وفقاً للتقرير الأممي، بأنهم”عناصر متمرسة، لكنهم يعملون ميسرين لتحركات ومعاملات الإمداد والتموين.“ وللعراقي أيضاً استثمارات كبيرة في السودان.
وذكر المحققون في تقريرهم أن العناصر السودانية تستخدم موارد العراقي لمساعدة متطرفين آخرين في داعش على الانتقال إلى جنوب ليبيا ومالي وغرب إفريقيا. وأن الحرب في السودان تجتذب مقاتلين من دول أخرى.
وحسب تقارير اعلامية كتب مركز صوفان مؤخراً يقول: ”كان السودان في السابق يصدر المقاتلين الأجانب والمرتزقة، وبات الآن معرَّضاً لخطر تدفقهم في الاتجاه المعاكس، بحيث يأتي المقاتلون من الخارج لخوض القتال مع أحد الطرفين المتقاتلين.“
كذلك أورد باحثون في معهد دراسة الحرب العام الماضي يقولون: ”من المحتمل أن تسعى شبكات القاعدة وداعش في إفريقيا إلى استغلال الصراع في السودان لتحسين موقفها في القارة.“
وفي سبتمبر 2021، نجحت قوات الأمن السودانية في اعتقال 11 مقاتلاً أجنبياً خلال مداهمات لثلاثة أوكار، وقتل خمسة من قوات الأمن خلال المداهمات.
وتبنى التيار الرسالي للدعوة والقتال-ولاية السودان قتل خمسة من ضباط جهاز المخابرات السوداني على إثر مداهمة منزل في جنوب الخرطوم وإطلاق نار نُسب إلى خلية تابعة لتنظيم الدولة الإسلامية.
كما تبنت هذه الجماعة محاولة الاغتيال الفاشلة لرئيس وزراء السودان عبدالله حمدوك في مارس 2020.