علي أحمد: وإذ يأتيك نبأ العطا .!!
ومن البليَّةِ عذلُ من لا يرعوي عن غيِّه؛ وخطابُ من لا يفهَم!
وإذا أشارَ مُحدِّثًا فكأنَّــهُ قردٌ يُقَهْقِهُ أو عجوزٌ تلطِــــمُ!
ليس أبلغ من بيت أبي الطيب المتنبئ، أعلاه، لتوصيف حال أسير (سلاح المهندسين) وبديل الإسلاميين لقائد الجيش عبد الفتاح البرهان، وهو يخاطب (خمسة ستة أنفار) يوم 22 من الشهر الجاري بمستشفى النو، بأم درمان.
يخرج (الكيزان) العطا، متى يشاؤون و(يخزنونه) متى يشاؤون أيضاً، مثلما يفعلون بقائده الهربان، فالرجلين هذا أهطل من ذاك، وذا أقذر من ذي، وهكذا.
عندما يرتجف بني كوز، ويخشون غدر البرهان ويتوقعون أن (يكبرها) في أي لحظة ويلتقي حميدتي ويوقع اتفاقية مع الدعم السريع، فيأتيتهم (الهوا) من جميع الاتجاهات فيذروهم كـ”دقيق نُثر على شوك “، يطلقون عليه لسان “ياسر العطا”، وهذا بالضبط ما حدث في مستشفى النو.
هذا الخطاب موجه للبرهان في المقام الأول، وهو أن ارعوي أيها المتردد ولا تفرفر يا مذبوح، وإلا فالنهاية لن تكون سعيدة، لكن هذا ليس شأن مقالنا، وإنما يأتي إشارة خاطفة، ثم نقتحم خطاب العيي الغبي، فنفككه ونفحم صاحبه، مستهلين ذلك بما يليق به من القصيد، فيخطر ببالنا الشاعر العباسي (مسلم بن الوليد)، في خمريته الرائعة:
“أَديري عَلى الراحِ ساقِيَةَ الخَمرِ وَلا تَسأَليني وَاِسأَلي الكَأسَ عَن أَمري”.
حيث بدا لي، مساعد قائد الجيش، كعادته، وكأنه واقع تحت تأثير هذا البيت الشعري، إذ كان يأتي بالخُزعبلة تلو الأخرى بسلاسلة ويُسر وبأريحية تامة، وهذا الإريحية بالذات لا تأتي خبط عشواء، ولا تذهب سُدى أيضاً، فثمنها سيأتي يا (عطا).
قال الرجل (خرّاب) العلاقات الخارجية، ناسباً حديثه إلى من سمّاها بالمقاومة الشعبية (وهي كتائب الكيزان الإرهابية) التي تفر مع أول طلقة كما فعل قائد كتيبة البراء في معركة ود مدني، وبهذه المناسبة أين البراء وقائدها “أبو فراشة”؟، المهم، قال العطا بأن المقاومة الكيزانية يطالبون البرهان (يريد أن يورطه)، بالإسراع في تقديم شكاوٍ ضد دولة الإمارات إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن (وكأن الأخير ليس جزء من الأولى)، والاتحاد الأفريقي (وكأن يعترف به وببرهانه)، ولمنظمة التعاون الإسلامي (وكأنه لها دور في أمور الحرب والسلام)؟!، وللمحكمة الجنائية الدولية، ويا للجهل الذي يجعلني أقسم بالله السميع العليم بأن هذا الرجل لم يطلع على حرف واحد من النظام الإساسي للمحكمة، ولا يعرف عن اختصاصاتها مثقال حبة من خردل، فما أجهلك يا عطا وما (أعبطك)، وما ألعنك أيضاً.
لكن الغريب في الأمر، هو اعترافه بعد طول إنكار، بأن جيش (علي كرتي) لا يمتلك جنود على الأرض، فقط 37 ألفاً، مقابل 120 ألفاً للدعم السريع، ضف إليهم 46 ألفاً تم تجنيدهم مع بداية الحرب – كما قال- ثم ما بين 7 إلى 9 الآف إسبوعياً يأتون بهم كمرتزقة، على حد زعمه.
وبحسبة بسيطة، إذا سلمنا جدلاً بصحة الحديث الصادر عن (بنت الراح)، فإن المتوسط الإسبوعي لمعدل تجنيد من سماهم المرتزقة، يصبح 8 ألاف جندي، والشهر 32 الف جندي (على الأقل)، فإذا ضربنا هذا الرقم في 10 أشهر هي فترة الحرب، فإن متوسط عدد من سماهم المرتزقة بقوات الدعم الشريع يبلغ الآن 320 ألفاً، ضف إليهم 166 ألفاً، فيبلغوا حوالي نصف مليون، فكيف تحاربهم إذاً؟
لا، ليس كيف تحاربهم، بل لماذا حاربتهم في الأساس، وأنت بهذا الضعف وقلة الحيلة؟!،
لم يكتف الرجل بذلك، بل أوغل واستفحل، فطفق يضرب ذات اليمين وذات الشمال دون هدىَ من أمره، وأنى يكون له هدى ورشد في (غيابه الأبدي)، فقال إن الدعم السريع يستعين بمرتزقة من الإمارات (الخليج)، اليمن (جنوب شبه الجزيرة العربية)، وسوريا (بلاد الشام)، وإثيوبيا وجنوب السودان وتشاد (شرق ووسط أفريقيا)، ليبيا (شمال أفريقيا) والنيجر ومالي وبوركينا فاسو (الساحل وغرب أفريقيا)، فإذا كانت هذه البقاع من أفريقيا وآسيا، فضلاً عن الأمم المتحدة والإتحاد الأفريقي وأيغاد والدول الأفريقية الست (من شرق إلى وسط إلى جنوب القارة) التي استقبلت قائد الدعم السريع، ضدك، فتحسس رأسك، لأن معنى ذلك أن خصمك منتصر عليك؛ لا محالة، على أرض المعركة وفي الفضاءين الدبلوماسي والسياسي، داخلياً وخارجياً، ويا له من اعتراف بالهزيمة قل مثيله!
لكن فلندع كل ذلك جانباً، ونطرح الأمر بمنطق مختلف، فنسأل: من الذي أوصل قوات الدعم السريع إلى هذه القوة والجبروت على كافة المستويات، العسكرية والسياسية والدبلوماسية والاقتصادية التي ذكرها (العطا)؟، أليس الجيش نفسه وضعفه في عهد الكيزان؟!، ثم ما هي الجهة المناط بها حماية الأرض و العرض والسيادة الوطنية، أليست هي الجيش نفسه؟، إذا كان هذا صحيحاً، فبالنتيجة وبناءً على ماذكره (العيي الغبي) الذي كان يتحدث باسم الكيزان (المقاومة الشعبية)، فإنه يقر ليس فقط بفشل وعجز الجيش، فهذا أمر معلوم للجميع بالضرورة، ولكن لعدم وجوده أساساً، وبالتالي، فإننا ندعو إلى حل ما تبقى منه وتكوين جيش قوي مهني يقوده ضباط مؤهلون يمتلكون القدرة والكفاءة لحماية الأرض والعرض، وهؤلاء لن يكون ضمنهم بالضرورة (برهان والعطا وكباشي وجابر).
أقول قولي هذا، وأنا أنشد بقلب مطمئن:
” ألا لا تَلُمْهُ اليومَ أنْ يَتَبَلَّدا // فقد غُلِبَ المحزونُ أنْ يتجلَّدا”.
علي أحمد