نجم الدين دريسة يكتب: الحروب وتحديات بناء الدولة السودانية الوطنية.

41

ليس مهما أن ينطرح سؤال متي تنتهي الحرب رغم صعوبة و قسوة وقع تداعياتها علي الشعوب السودانية قاطبة وليس مهما ايضا تحطيم الآلة العسكرية التي ظلت تحتكر العنف والقتل وتمارسه ضد الأطراف والارياف لكن هنالك ضرورة قصوي ان تتم الهزيمة النهائية للعقلية والذهنية التي ظلت تنتج الحروب وخطاب الكراهية والتهميش هذا ما ينبغي أن يجعل السواد الاعظم من الشعب السوداني يعلق الآمال علي إنجاز المشروع المدني الوطني الديمقراطي المتفق والمتراضي والمعبر عن أشواق وتطلعات الشعوب السودانية في دولة المواطنة المتساوية الحقوق والواجبات وعدم العودة من منتصف الطريق كما ظل يحدث بعد كل هبة وثورة شعبية… فبعد ثورة اكتوبر 1964م التي اسقطت نظام الجنرال ابراهيم عبود ظلت ذات العقلية حاضرة وبالتالي أزمة بناء الدولة السودانية قائمة وانقلاب مايو الذي اهدر ستة عشر سنة من عمر الشعوب السودانية حتي خرج الشعب السوداني في ثورته الثانية في ابريل 1985 ولم تمض 4 سنوات فانقض عليها انقلاب يونيو 1989م المشؤوم والذي جثم علي صدر الشعب السوداني ثلاثة عقود قدم فيها النظام الأخواني البغيض اسوأ تجربة في تاريخ السودانحيث بلغت الازمة السياسية ذروة التعقيد .. تم خلاها تقسيم المجتمع طولا وعرضا وفصل جنوب السودان واتسعت رقعة الحرب وكثرت الانتهاكات والفظائع واستنزفت ونهبت الموارد والمقدرات .. وعانت البلاد من عزلة دولية بسبب الارهاب الذي وضعها في قائمة الدول الراعية له … واستشري الفساد حتي صار السودان من اسوأ الدول ظل يتزيل قوائم في اي شئ …حتي جاءت ثورة ديسمبر 2018م الباذخة والتي ضمت طيف عريض من الشعوب السودانية بخلفيات فكرية وسياسية واجتماعية وجغرافية ومناطقية وفئوية.. ثورة باذخة ادهشت كل العالم بسلميتها ولكنها تحديات كثيرة وعلي راسها الدولة العميقة قوي الردة .. وتم الانقلاب عليها في 2021م لقطع الطريق أمام المشروع المدني الديمقراطي..وانتهاءا بحرب العودة الي السلطة في ابريل 2023م التي خاضتها الحركة الاسلاموية المختطفة للجيش السوداني لارجاع عقارب الساعة للوراء واجهاض ثورة الشعب.

خمسة عقود ونيف من الزمان والعقلية لم تبارح مكانها … نفس طرائق وادوت التفكير .. هبات شعبية وحكومات انتقالية أنظمة مدنية هشة إنقلابات عسكرية قابضة هذه الحقلة المفرغة لا يمكن ان تنتج حلول بل تعيد انتاج الازمة خاصة وان كل مؤسسات دولة ما بعد الاستقلال هي موروثة عن الاستعمار ولا تعبر إلا عن بعض النخب .. التي استأثرت بالموارد والمقدرات وإحتكرت القرار السياسي لتظل معظم الشعوب السودانية تعيش علي الرصيف وبالتالي لابد من اكمال مشروع النضال والتحرر الوطني والعودة الي منصة التأسيس وخلق عقد اجتماعي جديد يفضي إلي المشروع المدني الديمقراطي والهجرة نحو مستقبل تسوده قيم الحرية والسلام والعدالة الإجتماعية والتنمية المستدامة والمتوازنة .

 

باحث في شئوون التنمية والحكم المحلي.

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *