عودة الشرطة في مناطق سيطرة الدعم .. تمرد ام تلبية لحاجة المواطن؟
مصدر الخبر/راديو دبنقا
تقرير: عبد المنعم مادبو
في بحر شهر نوفمبر المنصرم عاد المئات من عناصر الشرطة السودانية لمزاولة عملهم في ولايات غرب ووسط وجنوب وشرق دارفور التي سيطرت عليها قوات الدعم السريع بعد معارك ضارية مع الجيش السوداني، وكذلك حصل راديو دبنقا على مكاتبات لقوات الدعم السريع بغرض انشاء- ما أطلق عليها- الشرطة الفدرالية في العاصمة الخرطوم وبقية الولايات.
تلبيةً لحاجة المواطن
يقول بعض عناصر الشرطة الذين عادوا للعمل في ولايات دارفور الاربع انهم لبوا نداء الوطن، ورأوا لحاجة المواطنين في تلك الولايات للخدمات القانونية التي تقدمها الشرطة فيما يلي تلقي البلاغات والاسهام مع قوات الدعم السريع في بسط الأمن والاستقرار بعد ان غابت الشرطة عن المشهد منذ اندلاع الحرب في 15 ابريل الماضي.
وكان قائد ثاني قوات الدعم السريع الفريق عبدالرحيم دقلو قد أعلن عقب سيطرة قواته على مدينة نيالا أواخر اكتوبر الماضي تكليف اللواء شرطة بشير آدم عيسى الذي كان منتدباً للدعم السريع في السنوات الثلاث الأخيرة، لكنه لم يأت لتسلم مهامه رغم مضي أكثر من شهر ونصف من اعلان تكليفه، وكشف ضابط برتبة نقيب في الشرطة لراديو دبنقا عن اعتذار اللواء بشير عن توليه ادارة الشرطة بجنوب دارفور، لذلك استبدلته قوات الدعم السريع بالنقيب شرطة عبد الرازق العبيد، بينما تولى قيادة الشرطة بوسط دارفور ضابط برتبة رائد يدعى احمد ابراهيم محمود، وفي غرب دارفور الرائد محمد زكريا، اما ولاية شرق دارفور فلم تتوقف فيها الشرطة عن عملها بعد اندلاع الحرب بل استقبلت العشرات من عناصر الشرطة من ولاية جنوب دارفور خلال اشتعال المعارك بمدينة نيالا.
وقال أحد أفراد الشرطة الذين عادوا لمباشرة مهامهم- لراديو دبنقا بعد ان طلب حجب اسمه- انهم عادوا لخدمة انسان الولاية الذي يحتاج لقوات الشرطة في هذه المرحلة، بينما قال ضابط برتبة رائد بمدينة الجنينة انه لا يستطيع الآن الانضمام للقوة التي عادت للعمل وهو الآن على مشارف التقاعد للمعاش، وأضاف: الآن لابد ان أنتظر صدور توجيهات من رئاسة الشرطة السودانية فيما يلي عودتنا للعمل، لأني أفنيت عمري في الشرطة ولا يمكن ان أخاطر باستحقاقي بعد الخدمة.
تمرد وخيانة عظمى
لكن ضابط آخر يترأس شرطة إحدي المحليات بشمال دارفور قال لراديو دبنقا ان القوة التي عادت لمزاولة العمل في الولايات التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع تعد قوة متمردة، لجهة ان هناك توجيهات صدرت من رئاسة الشرطة لكل القوات في تلك الولايات بالانتقال الى الولايات التي تسيطر عليها القوات المسلحة والالتحاق بمكاتب الشرطة فيها.
وأشار الى انه استجابة لتلك التوجيهات سافر معظمهم ضباط الشرطة من نيالا وإلتحقوا بشرطة النيل الابيض، بينما إلتحق الافراد بشرطة شرق دارفور، وأضاف “اما عناصر شرطة الجنينة وزالنجي فذهب بعضهم الى مخيمات النزوح والبعض الى المحليات من بينها محلية الطينة وإلتحقوا بها”
وذكر النقيب شرطة- الذي فضل حجب اسمه- أن قوات الدعم السريع بعد سيطرتها على ولايات دارفور الأربع اجتهدت في دعوة المواطنين واقناعهم للعودة إلى منازلهم وفتح الأسواق ونظافة الأحياء والأسواق والمستشفيات، بعد أن شهدت هذه الولايات انفلاتاً أمنياً تمثل في “السرقات والنهب والقتل والاختطاف” من بعض أفراد الدعم السريع- على حد قوله.
وتابع “لذلك رأى قادة الدعم السريع في تلك الولايات أن السبيل الوحيد لفرض الأمن هو عودة قوات الشرطة لمزاولة مهامها، وبدأوا في تجميع أفراد الشرطة ووعدوهم بمرتبات مجزية” وأضاف: قيادة الدعم السريع نجحت في استقطاب أفراد الشرطة خاصة أولئك الذين ينتمون للقبائل المساندة للدعم السريع للعمل معها في الولايات التي تسيطر عليها.
ويقول الضابط انه حسب موجهات مدير عام الشرطة ان الذين يعملون في مناطق سيطرة الدعم السريع يعتبرون متمردين، وسيفصلون عن الخدمة بدون حقوق، ويحاكمون بتهمة الخيانة العظمي لمخالفة قانون الشرطة السودانية.
احصائيات
وبحسب متابعات راديو دبنقا فإن قوات الشرطة في الولايات الاربع زاولت مهامها في مركزي شرطة جنوب ووسط بمدينة نيالا عاصمة جنوب دارفور بأكثر من 217 شرطي لكن قائد القوة الرائد عبد الرازق العبيد قال ان الذين ابدوا استعدادهم لمزاولة العمل نحو 500 فرداً، بينما في مدينة الجنينة بلغ عدد الذين عادوا للعمل 227 شرطي يعملون في مراكز المدينة المختلفة، اما في وسط دارفور فيعملون، بينما كل الاقسام تعمل في شرق دارفور بقيادة العقيد مهدي حسب الله بعد ان غادر مدينة الضعين مدير الشرطة اللواء ونائبه العميد، ورصد راديو دبنقا تدشين شرطة المرور أمس الأول الأحد حملة بطرقات المدينة لضبط المخالفات المرورية، وعادت كذلك القوات لحراسة البنوك والمؤسسات في مدينة الضعين.
لا جدوى
فيما يرى رجل الاعمال رئيس الغرفة التجارية السابق بجنوب دارفور محمد توم إن عودة قوات الشرطة إلى نيالا بشريات منقوصة في ظل غياب بقية أركان العدالة، وعدم وجود دائرة قانونية مكتملة، وقال إن إدارة مدينة بحجم “نيالا” يتطلب وجود قوات تضمن أمن وسلامة وثقة المواطن، بجانب وجود قضاء فاعل يسعى لإرجاع الحقوق إلى اصحابها إضافة إلى ضرورة إيجاد مواعين ايرادية لسداد أجور رجال الشرطة.
شرطة بديلة
ولم تقتصر عمل الشرطة في مناطق سيطرة الدعم السريع في ولايات دارفور فقط وانما هناك مساعي لانشاء نظام جديد في العاصمة السودانية الخرطوم التي تسيطر قوات الدعم السريع الجزء الاكبر منها، ويقول الخبير والمحلل الاقتصادي دكتور حافظ الزين عبدالله ان هذا النظام سمي “بالإدارة الشعبية المحلية” وذكر لراديو دبنقا أن هذا النظام يضم “ضباط اداريين، مهندسين، قانونيين، ومعاشيين من قوات الشرطة” ويتكون من ثلاث مستويات “مجلس اعيان وهو بديل للمجالس التشريعية، وإدارة تنفيذية وتضم الضباط الاداريين المهنيين، ولجنة أمنية وتضم قدامى المحاربين من الشرطة الجيش والأمن أعلنوا ولائهم لقوات الدعم السريع.
لكن دكتور الزين نبه ان هذا النظام ابتكره المدنيون ولا علاقة له للدعم السريع، مستدلاً بما ظل ويردده قائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو بأن الدعم السريع كمؤسسة عسكرية لا تريد ان تحكم، وانما مسؤوليتها توفير الأمن والتنسيق مع السلطات الشعبية الموجودة في المنطقة المعنية.
وفي السياق علم راديو دبنقا بأن قوات الدعم السريع تعمل الآن على تأسيس شرطة أطلقت عليها الشرطة الفدرالية، وقال مصدر من الدعم السريع لراديو دبنقا ان تأسيس الشرطة الفدرالية سيبدأ من العاصمة الخرطوم خلال هذه الايام ومن ثم ينتقل لبقية الولايات، وحصل راديو دبنقا على أمر بتشكيل لجنة لتأسيس جهاز الشرطة الفدرالية، وخطاب موجه لقائد الدعم السريع للموافقة على تشكيل اللجنة، وبحسب الأمر شكلت اللجنة من ضباط شرطة بعضهم في الخدمة والبعض في المعاش، وأوكل لهم مهام استيعاب ضباط وضباط صف وجنود الشرطة الراغبين في الانضمام للشرطة الفدرالية من هم في الخدمة والمعاش، والمهنيين من ذوي الخبرة “سائقين وفنيي كمبيوتر وغيرهم.