رشا عوض: مزمل أبو القاسم، وضياء الدين بلال والبحث عن ساعة حسم من نوع جديد.!!
رشا عوض ..
مزمل أبو القاسم، وضياء الدين بلال والبحث عن ساعة حسم من نوع جديد.!!
في بودكاست عن الحرب، ركز الصحفيان ضياء الدين بلال ومزمل أبو القاسم في حلقة حوارية على الآتي:
إثبات أن من بدأ الحرب هو الدعم السريع عبر سرد مفصل لاستعداداته العسكرية الضخمة لها.
غسيل الكيزان من الضلوع في الحرب كطرف ثالث والزعم بأن الطرف الثالث هو قحت.
الإشارات الضمنية لمؤامرة ما داخل الجيش وتحديدا قيادته التي لم تتعامل بجدية مع تحركات الدعم السريع.
عبر الأستاذ ضياء الدين عن رغبته في أن يشارك كل من تابع الحلقة الحوارية برأيه حتى تكتمل الصورة ، وفي هذا السياق أود أن أشير إلى أهم الحقائق التي غابت أو بالأحرى غيبت عن الحوار وهي:
أولا: هناك معلومات موثقة بالصوت والصورة عن استعداد الكيزان للحرب شأنهم شأن الدعم السريع: إفطارات رمضان التي هددوا فيها بالحرب واستنفروا لها قبل أن تبدأ، الوجود الكبير والنوعي لكتائبهم في القيادة العامة والمدرعات ووادي سيدنا قبل اندلاع الحرب، تأمينهم للقيادات الرئيسية للحرب أمثال على كرتي وأسامة عبد الله، وإخراج اسرهم واموالهم إلى تركيا ومصر وماليزيا قبل الحرب. أما عدم تأمينهم لمجموعة كوبر ممثلة في البشير واحمد هارون فهذا ليس دليلا على عدم علمهم بالحرب بل هو دليل على انقسامهم وتنافسهم الداخلي على الغنائم! فمجموعة كرتي ليست على وفاق مع مجموعة البشير.
ثانيا: عدم استعداد الجيش يؤكد وجود طرف ثالث فرض الحرب فرضا على الجيش وحدد ساعة صفرها، ولأن الكيزان يتعاملون مع الجيش كحصان طروادة الذي يختبئون داخله لتنفيذ انقلاباتهم وحروبهم باسمه لم يجتهدوا في تقويته واعتمدوا على المليشيات الموازية من دفاع شعبي وهيئة عمليات ودعم سريع، ونغمة تخوين قيادة الجيش وسلخ جلد النملة في تقصيرها هو مؤشر لأن الجيش فكر جديا في التمرد على وضعية حصان طروادة وقرر ان يكون حصانا جامحا وراكضا خلف السلطة اصالة عن نفسه او بالاحرى عن بعض جنرالات البزنس والارتباطات الخارجية.
ثالثا: التوصيف الصحيح للحرب هو انها صراع على السلطة بين الكيزان والدعم السريع ، وهي اخر حلقة في مسلسل الثورة المضادة، الحرب كانت قفزة في الظلام وكل اطرافها اخطأت في حساب قوة الخصم وتقدير صعوبة بل استحالة النصر الخاطف، وجميع الاطراف اظهرت استخفافا مأساويا بحياة الشعب السوداني وبالمصلحة الوطنية، نعم الدعم السريع طامع في السلطة طمعا حقيقيا، ولكن ليس وحده! فالكيزان أكثر طمعا وأكثر وحشية منه، والبرهان كذلك طامع طمعا جامحا في السلطة وحاول تكرار لعبة. البشير: تخويف الدعم السريع بالكيزان وتخويف الكيزان بالدعم السريع لكي يرتاح هو في السلطة ويمد رجليه امنا بفعل توازن الرعب!
تصوير الأمر على ان الدعم السريع وحده هو الطامع في السلطة وادعاء ان الشعب كله مع الكيزان ومع الجيش ضد الدعم السريع هو تضليل وكذب له اغراضه السياسية الواضحة، الحقيقة هي أن ثلاثي الفجيعة الوطنية في هذه الحرب هو: الكيزان والدعم السريع والجيش ممثلا في الجنرالات الطامعين في سلطة عسكرية خالصة بدون كيزان، أما بقية عساكر الجيش وضباطه الصغار فهم ضحية شأنهم شأن بقية الشعب المغلوب على أمره.
رابعا: حكاية أن الطرف الثالث في الحرب هو قحت مضحكة لفرط سذاجتها، فمعلوم بالضرورة ان اشتعال اي حرب معناه اخراس الصوت المدني واستبعاده نهائيا في ظل الاحتكام لقوة السلاح، فكيف تسعى قحت التي لا تملك عكازا لنقل صراع السلطة إلى الميدان العسكري وفي ذات الوقت الذي يجتهد فيه ضياء الدين ومزمل في الصاق هذا الاتهام بقحت يستميتان في تبرئة الكيزان الذين يملكون كتائب ظل وهيئة عمليات ويملكون السيطرة على مفاصل الجيش ويرفعون رايات الحرب جهارا نهارا ومنذ ان اشتعلت هذه الحرب تخصصت التهم الاعلامية في تأجيجها وتجريم وتخوين اي اتجاه للسلام! حقيقة من عجائب الدنيا ان يصدق عاقل حكاية ان قحت هي طرف في اشعال هذه الحرب لأنها ترغب في ان يحملها الدعم السريع إلى السلطة! يا ضياء ويا مزمل الدعم السريع الذي شارك في الاطاحة بعمر البشير واودعه سجن كوبر وكان يريد اعتقال البرهان أو قتله وهو الآن في حرب طاحنة مع كتائب الكيزان اصحاب الفضل في انشائه، وبرلمانهم هو الذي قنن وجوده كمؤسسة دولة وقوة نظامية، هل يعقل ان تنتظر قحت من الدعم السريع ان يسلمها سلطة على طبق من ذهب؟! ما هو السر الباتع الذي تملكه قحت لدرجة ان يحملها الدعم السريع على اكتافه التي اطاحت بالبشير والبرهان وتلاحق علي كرتي! هذه محاولة بائسة لغسيل الكيزان وتلطيخ ادرانهم في ثياب الاخرين.
خامسا: هذه الايام تشهد انسحابات وتراجعات جماعية من كتائب البلابسة في الاسافير، وحتى بلابسة الجيش امثال ياسر العطا بدأت نغمتهم تختلف وتميل نحو المرونة تجاه التفاوض، معطيات الميدان كذبت اقتراب ساعة الحسم العسكري، ويبدو والله اعلم ان الاستاذ ضياء الدين بلال ومزمل أبو القاسم يرغبان في ساعة حسم سياسي للقوى المدنية الديمقراطية عبر تحميلها وزر الحرب اللعينة زورا وبهتانا وغسيل الكيزان والجيش من هذا الوزر في سياق بلورة السردية السياسية للاستبداد العسكري القادم.
أكرر ما قلته مرارا: مرحبا بأي جنوح للسلم وايقاف هذه المقتلة واطفاء هذا الحريق، ولكن طريق السلام لا يمكن تعبيده بالاكاذيب وشهادات الزور.