الدعم السريع .. إطلاق سراح “739” أسير .. لماذا يرفض الجيش ويخاف إطلاق سراح أسراه.؟

304

الدعم السريع .. إطلاق سراح “739” أسير .. لماذا يرفض الجيش ويخاف إطلاق سراح أسراه.؟

قالت قوات الدعم السريع إنها اطلقت خلال الأسبوع الجاري سراح 537 من ضباط ومنسوبي الشرطة السودانية المحتجزين لديها منذ اندلاع الحرب في الخرطوم مع الجيش في منتصف أبريل 2023. وبحسب بيان صادر عن قوات الدعم سريع إنها أطلقت في وقت سابق خلال شهر مايو الماضي سراح 202 من أسرى الجيش ليبلغ مجموع ما اطلق سراحه 739 أسير منذ بداية الحرب ، بالتنسيق مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر بالسودان.

 

راينو: بلو نيوز الإخبارية-

غياب ورفض:

وتمت عملية الإفراج عن الأسرى في غياب الجيش السوداني واللجنة الدولية للصليب الأحمر كما في العادة. حيث اتهمت قوات الدعم السريع ، الجيش برفض استلام منسوبيه ، واستندت قوات الدعم السريع في توجيه الاتهام للجيش السوداني بشواهد ، منها قيام الجيش بقصف مقر تسيطر عليه قوات الدعم السريع يأوي عدد مقدر من كبار ضباطه نتج عنه مقتل وإصابة 26 من الأسرى ، بجانب ما وصفه بيان الدعم السريع بعرقلة عملية إخلاء خلال ديسمبر الماضي لمدنيين بينهم أجانب كانوا محتجزين بكنيسة “القديسة مريم” بالخرطوم بواسطة اللجنة الدولية للصليب الأحمر بعد الاتفاق مع الطرفين، حيث قام الجيش باستهداف القافلة ما أدى إلى مقتل شخصين وإصابة سبعة آخرين بينهم ثلاثة من موظفي اللجنة الدولية للصليب الأحمر .

عملية غامضة:

عملية إطلاق الأسرى الأخيرة التي تمت بمبادرة قادها الشيخ إدريس أبو قرون، وهو أحد رجالات الطرق الصوفية في السودان ، صاحبها بعض الغموض في ظل تبادل الاتهامات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع ، حيث اتهمت الأخيرة الجيش برفض استلام الأسرى.

وأوضح بيان صادر عنها إن الخطوات جاءت بعد مخاطبة اللجنة الدولية للصليب الأحمر، وأضاف البيان “شرعت اللجنة في إجراءات بين الطرفين لإتمام عملية الإفراج، لكن الجيش أخذ يماطل ويضع العراقيل أمام عملية التسليم والتسلم” ، بينما نفى الجيش عن نفسه الاتهام، وقال ” إنها أكاذيب وتزييف للحقائق درجت عليه ميليشيا الدعم السريع حين تحدثت عن رفض استلام 537 أسير بواسطة اللجنة الدولية للصليب الأحمر” وذكر الناطق الرسمي باسمه إن “القوات المسلحة لم تتلق من المنظمة الدولية أي إتصالات أو مكاتبات تتعلق بهذا الشأن” .

ضبابية الجيش:

إلا أن الخبير العسكري “ع،ح” يرى أن موقف الجيش لايزال ضبابي وغير واضح في مسألة رفضه استلام أسراه .. وفي حال رفض فعلياً ، يأتي ذلك في إطار الحالة النفسية العامة للجيش ومحاولة فرض هيبته من خلال مواقف الممانعة التي تفسر في سياق عدم اعترافه بقوات الدعم السريع ، ويشير “ع ،ح” في حديث لـ”راينو” إلى أن الجيش ربما يرى أنه بتعاطيه مع قوات الدعم السريع يمنحه بطولة مجانية ، خاصة وأن قوات الدعم السريع أبدت تفاعلها عاجلاً مع مبادرة “الشيخ أبو قرون” .

بينما تتجه التحليلات الى تعزيز رواية أن الجيش يتخوف من استلام الاسرى نتيجة لتعرضه لضربات استخباراتية موجعة من قبل الدعم السريع، ويدللون على ذلك باحاديث لمدير المباحث المركزية الاسبق الفريق عابدين الطاهر ، الذي حذر من مغبة التعامل مع العدد الكبير من اسرى ضباط الشرطة الذين افرجت عنهم قوات الدعم السريع بعد اعتقال دام لنحو عام لبعضهم ، وشدد على ضرورة إخضاعهم الى استجواب ممن لديهم مقدرات وفهم امنى عالى جدا لان الاسير غالبا يخضع لاغراءات واتفاقيات.

واعتبر عابدين فى تسجيل صوتى خاطب به زملائه ــ ان عملية طلاق الاسرى “غير طبيعية”، واضاف:” انا شخصيا اضع فيها كمية من علامات الاستفهام، وواضح جدا هناك هدف من ذلك لكن لا اعرفه بالضبط والمغزى والمطلوب من ذلك، لكن ما حدث غير طبيعي، وفيه علامات استفهام كثيرة جدا، يجب الا يتم التعامل معها بعفوية”.

وعمدت قوات الدعم السريع تصويرهم بزى الشرطة الرسمي وظهروا لاحقا فى احدى صالات مدينة شندى بالزى المدنى.

وقال عابدين ان السؤال الأهم هو” اليس بينهم مدسوسين وهل هم جميعهم ضباط شرطة ” واردف :”لذلك يجب ان يتم التعامل مع هذا الموضوع بحذر شديد ايا كانوا ـــ حتى لو كانوا ضباط شرطة وكانوا فى الخدمة وتم اسرهم من البيت او الشارع”، وتابع :” ولو ضباط شرطة وقد مكثوا فترة طويلة جدا مع الدعم السريع، هناك احتمالات كثيرة جدا بان يتم استقطاب عدد منهم.

ونبه عابدين الى خطورة دخولهم الى مدينة شندى، وتابع :” هم اصلا اصبحوا خلاص تابعين ويوجد اتصال معهم ، والمدنية التى يدخلونها قد يكون فى تواصل و يكون تمهيد”، وتابع”انا لا اريد ان اتهمهم ولا اريد ان اظن ولكن فى” النهاية يجب التعامل بحذر لاننا تعودنا من الناس ديل بانهم غدارين وعندهم فهم ، ومعهم ناس شغالين ليس على المستوى المحلي بل الدولى ومخابرات دولية، ممكن جدا يكونوا عملوا شغل كبير جدا وسطهم ومطلوب منهم اعمال معينة يقدمونها فيما بعد “.

ونصح مدير المباحث الجنائية ضرورة عزلهم اولا واستجوابهم ولو استمر ـــ خمسة او ستة شهور، لكن المهم يجب الا يخرجوا ويتعاملوا مع المجتمع وان لا يزوروا الوحدات الرسمية ولا يباشروا عملهم، لابد ان يتم معهم عمل كبير ودقيق وتحرى امنى، وزاد “حتى فى النهاية يمكن يستفاد منهم فى عمل مضاد، اعلامى مضاد، التعامل كان كيف، ونثبت انه تم اخذهم من الشارع وليسوا اسرى وهذا وحده يكفي”.

ولفت الى ان هذا الموضوع لدى رئاسة الشرطة ووزارة الداخلية وجهاز الامن،و يجب ان يمنحها مساحة كبيرة جدا ولكن ان يتم اعادتهم مجددا للعمل فى وحداتهم هذه المسألة خطيرة للغاية.

القانون الدولي:

مع ذلك ، تم إطلاق سراح الأسرى بشكل منفرد في غياب اللجنة الدولية للصليب الأحمر التي اكتفت بموافقة مكتوبة سلمتها لقوات الدعم السريع التي تحتجز الأسرى ، وفي غياب الجيش السوداني الذي ينتسب له الأسرى.. وتتيح اتفاقيات جنيف أشكال واسعة من أنماط الحماية لأسرى الحروب فيما يتعلق بالمعاملة غير الإنسانية والمهينة ، وكيفية إطلاق سراحهم وضمنت الاتفاقيات حقوقهم و وضعت قواعد مفصلة تحكم معاملتهم والإفراج المحتمل عنهم . ويمنح أيضا القانون الدولي الإنساني الحماية للأشخاص الآخرين الذين حرموا من حريتهم بسبب النزاعات المسلحة ، عسكريون أو مدنيين ، وفي الحالة السودانية كانت اللجنة الدولية للصليب الأحمر قد قالت في وقت سابق إنها لا تستطيع الوصول إلى أماكن الاحتجاز إلا أنها “تلقت رسائل إيجابية” ، حيث لم ترد إشارة في القانون الدولي للحالة السودانية التي تم فيها إطلاق سراح الأسرى من قبل الجهة المحتجِزة منفردة كما فعلت قوات الدعم السريع .

وبحسب قانونيون ، تمثل اتفاقية جنيف الثالثة الإطار القانوني الأكثر شمولًا للنظام القانوني الدولي الحديث فيما يتعلق الأمر بحماية أسرى الحروب، إلا أنها يعاب عليها عدم مواكبتها ومعالجتها لجميع التحديات المعاصرة التي يواجهها العالم في مسألة الاحتجاز في الوقت الحالي، ونبه الخبراء إلى وجوب عدم غض الطرف عن القواسم المشتركة والتعارض بين أحكام اتفاقية جنيف الثالثة وغيرها من الأطر القانونية والتقاليد التي تؤثر على سلوك حاملي السلاح.

غياب الحقيقة:

ومن جانبه يقول المحلل السياسي “محمد عبد النبي” إن الرواية الحقيقية لاتزال غائبة حول موقف الجيش من عملية إطلاق سراح الأسرى وحتى الآن لاتوجد دلائل كافية لإدانة الجيش أو إلقاء اللوم عليه ، و يضيف “عبد النبي” لـ”راينو” إنه إذا صحت رواية قوات الدعم السريع حول رفض القوات المسلحة استلام منسوبيها هذا أمر غريب و لم يحدث في تأريخ الحروب وهو أدب جديد في الحروب يضيفه الجيش السوداني لقائمة ردود أفعاله الغريبة و العبثية التي وضعت البلاد وشعبها في مصير مجهول بتصرفاته غير المسؤولة .

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *