اتهامات واعتقالات… ما هدف حملات الفلول؟

60

(التعاون مع الدعم السريع) تهمة تأتي في سياق اعتقال الناشطين ولجان المقاومة والمستهدفين من قبل الأجهزة الأمنية خلال الحرب، ومؤخرا شهدت حواضر العديد من الولايات السودانية حملات اعتقال تستهدف عناصر بعينها من اثنيات وجغرافيات مختلفة تنتمي لغرب السودان… بيد أن ما أشعل الملاحظة وأكدها تصريحات القيادي بالحرية والتغيير رئيس التيار الثوري الديمقراطي ياسر عرمان وقوله بأن اعتقالات تجري بالبلاد على أساس اثني وجغرافي يشرف عليها الفلول… الأمر الذي فجر الاستفهامات حيال الهدف من وراء تلك الحملات؟

بلو نيوز/ وكالة راينو

 

ماذا قال عرمان؟

القيادي بالمكتب التنفيذي للمجلس المركزي في الحرية والتغيير رئيس التيار الثوري الديمقراطي ياسر عرمان كتب على صفحته بأن الاعتقالات التي يشرف عليها الفلول وأجهزتهم بمدنية ود مدني وتجري على أساس اثني وجغرافي هي محاولة من الفلول لحرف هذه الحرب حتى تكون حربا اثنية ومجتمعية وجغرافية، وهذا أمر مرفوض ويجب أن يجد المقاومة والشجب والإدانة من كل الشعب السوداني في الداخل والخارج، حتى الآن الحرب بين جيشين ويجب ألا لا نسمح بانزلاقها إلى منزلق اثني وعرقي فتلك جريمة أكبر من جريمة الحرب نفسها في حق بلادنا، ويجب أن نقوم بمزيد من الجهد والعمل في الداخل والخارج ولا سيما في الخارج لتصعيد قضية حماية المدنيين في كل أنحاء السودان.

وتزامنا مع تصريحات عرمان نقل شهود عيان بحاضرة ولاية كسلا لـ ( راينو ) مداهمة الاستخبارات العسكرية لدار حزب التحالف الوطني السوداني، منوهين إلى أنه لم يتم أي اعتقال خلال المداهمة، وأضافوا: لكن اليوم تمت اعتقالات لعدد من أصحاب الطب إلي في سوق كسل بحجة نظافة السوق ولكن التركيز كان على أساس اثني وعرقي وتحديدا أبناء دارفور، بحجة أنهم جواسيس الدعم السريع.

وتوسعت دائرة الحرب بين الجيش السوداني والدعم السريع باشتباكهما لليوم الثالث على التوالي بعد توغل الدعم السريع في ولاية الجزيرة ووصوله لمناطق أم عليلة وأبو حراز التي تقع على بعد حوالي 12 كيلومترا شرق مدينة ود مدني، وتضم مستودعات الوقود الرئيسية لولاية الجزيرة عبر الخط الناقل للبترول… ما دفع مراقبون لتفسير خطوة الدعم السريع بأنه في سبيل الحصول على الوقود بعد قصف المصفاة الرئيسية بالخرطوم الشهر الماضي.

رد فعل الجيش السوداني كان عبر سلاح الطيران الذي نفذ عبره طلعات جوية مكثفة مناطق شرق ود مدني.

وفي السياق أعلنت حكومة ولاية الجزيرة حظر التجوال داخل الولاية وإغلاق المحال التجارية والمقاهي من السادسة مساء وحتى السادسة صباحا، كما أغلقت السلطات مداخل العاصمة مدني وجسر حنتوب الذي يربط ودا مدنيا بشرق الجزيرة، وأغلقت اللجان الأمنية عددا من الأسواق المحلية في بعض القرى جنوب الجزيرة.

من جانبها اعتبرت الولايات المتحدة المواجهات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في ولاية الجزيرة، تشكل تهديدا خطيرا على المدنيين وجهود الإغاثة، وحضت المقاتلين على تجنيب منطقة تضم مراكز مساعدات وعشرات آلاف النازحين المعارك.

وتقول تقارير الأمم المتحدة التي علقت أعمال الإغاثة بالولاية حتى إشعار آخر، أن ما يقارب نصف مليون نازح وصلوا إلى الجزيرة فيما أقام 86 ألفا في العاصمة ود مدني.

وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية ماثيو ميلر في بيان “أصبحت ودا مدنيا ملاذا آمنا للمدنيين النازحين ومركز مهما لجهود الإغاثة الإنسانية الدولية. والتقدم المستمر لقوات الدعم السريع يهدد بسقوط أعداد كبيرة من الضحايا المدنيين وتعطيل كبير لجهود المساعدات الإنسانية”. وأضاف ميلر “نحض قوات الدعم السريع في السودان على وقف تقدمها في ولاية الجزيرة على الفور والامتناع عن مهاجمة ود مدني”.

طريق تقسيم السودان

وفقا للوقائع فإنها ليست المرة الأولى التي يفتعل فيها أنصار النظام البائد في الأجهزة الأمنية والعسكرية حججا بحسب الكثير للقيام بحملات اعتقال بدعوى التصدي لجواسيس الدعم السريع، وسبق أن تم وسم كل من رفض الحرب وأصر على عدم دعم أحد أطرافها بأن تم تخوينه بهذه التهمة.

ونقلت تقارير إعلامية في أواخر سبتمبر الماضي تصريحات للمدعي العام السوداني خليفة أحمد خليفة قال فيها إنه أصدر أمرا بالقبض على 250 شخصا من السياسيين والصحفيين والناشطين لتعاونهم مع الدعم السريع، دون تقديم أو الكشف عن أي أدلة تؤكد حادثة التعاون..

ويرى المحلل السياسي إيهاب محمد الحسن، أن تجربة اعتقال وقتل المستهدفين على أساس اثني ليست جديدة، وقال لـ ( راينو ) سبق أن مارست أجهزة النظام المباد ذات الممارسات حينما دخلت العدل والمساواة بقيادة خليل إبراهيم أم درمان في عملية الذراع الطويل، وتابع: حينها كان يتم إنزال مواطنين من المركبات العامة بسبب اللون أو شكل الشعر ويتم اعتقالهم.

وأكد الحسن أن ما يحدث حاليا يعمل في تغذية وتكريس خطاب سيطرة نخب بعينها على السودان أو ما يطلق عليه الشمال النيلي لدى البسطاء من أبناء غرب السودان من خلال استهدافهم اثنيا وجغرافيا حتى يكون هناك رد فعل من قبلهم يعزز خطاب الإسلاميين، فضلا عن أن الاستهداف بتهمة التعاون مع الدعم السريع تبدو مطاطة لجهة أنه لا يتم تقديم أي دليل لاستهداف المستهدف، بل يتم فقط استغلال الحالة العاطفية للشارع إزاء ممارسات المتفلتين من الدعم السريع، وأضاف: الهدف من التهمة هو تصفية الحسابات مع الناشطين وأعضاء لجان المقاومة وكل من يرفض الحرب حتى يتم تخويف الجميع والصمت على خطاب (بل بس).

من جانبه يرى القيادي بقوى الحرية والتغيير شريف محمد عثمان أن هدف حملات الاعتقالات على أساس اثني وجغرافي التي تتم في عدد من الولايات تشكل خطرا كبيرا على وحدة السودان، منوها إلى أن هذه الاعتقالات تمزق النسيج الاجتماعي وتنمي الغبن والكراهية بين السودانيين والسودانيات، وهو ما لا يجب أن نسمح بحدوثه.، وقال: مدن السودان ملك أصيل لكل الشعب السوداني وطريق الحفاظ على وحدة السودان لا يمر عبر تقسيم السودانيين والسودانيات على أسس اثنية وقبلية واجتماعية بل يمر فقط عبر طريق إيقاف الحرب وحل جذور الحرب في السودان وإنهاء دائرة العنف واستخدام الحلول الأمنية التي قسمت السودان ومزقت وجدانه جنوبا وشمالا.

فيما يذهب الناشط السياسي الدارفوري ناصر بكداش في حديثه لـ ( راينو ) إلى أن فوضوية المشهد الحالي ومحاولة نقل الحرب إلى كافة أرجاء السودان يؤكد أن الفلول إلى نفق مغلق في إدارة حربهم العبثية، ويسعون للعب آخر كرت من خلال زج المستوى القبلي بعد الهزائم المتلاحقة التي لا يمكن أن ينكرها إلا مكابرا ما يعكس فقدان الجيش لزمام المبادرة تماما فمن أصبح يقرر هو الدعم السريع، وأضاف: هذا يؤكد أن القيادة العسكرية الموجودة في بورتسودان هي قيادة سياسية وليس لديها أي فهم عسكري على أرض الواقع، وفي هذا الإطار البرهان اثبت بجدارة أنه ليس مضغوطا من الفلول بل هو جزء أصيل من التنظيم وبالتالي التخبط العشوائي في إدارة المعركة وإقحام الفهم الاثنين كآخر كرت للمجموعة الإسلامية تعكس تفكيرهم بمنطق علي وعلي أعدائي لكن الجماهير واعية لهذا المخطط وستفشله كما أفشلت من قبل مخططات عديدة.

مضادات الخطاب

ناشطون وسياسيون اعتبروا أن الحملات الممنهجة التي تستهدف قبائل معينة واثنيات محددة من مناطق جغرافية بعينها، هدفها الرئيسي إغلاق باب أي محاولة للتهدئة وإيقاف الحرب بالانتقال إلى مربع الحرب الأهلية، ويرى كثير أن الوحيدين الذين لا يأبهون لما يحدث للسودانيين جراء هذه الحرب هم منسوبي النظام البائد لجهة وجود أسرهم وأبنائهم وعدد كبير منهم خارج السودان بالفعل. ويشددون على أهمية محاربة أي خطابات تترتب كرد فعل على الاستهداف العنصري الذي تقوم به أجهزة النظام البائد تحت عنوان مؤسسات الدولة. ويذهب القيادي بحركة تحرير السوداني (مناوي) محمد عبد الرحمن الناري إلى أنه يجب التصدي بحسم لخطابات الكراهية العرقية والمناطقية والدعوات للانفصال والحرب الأهلية، وقال في منشور له: لا تفريط في أي شبر من بلادنا، فالحروب التي عايشها السودان منذ عام 1955 بفعل ممارسات وسلوك الصفوة السياسية التي تسممت مقاليد الحكم (ديمقراطية كسيحة أو دكتاتورية عسكرية)، وفرضت مشاريعها الأحادية التي قسمت السودانيين على أسس عرقية ودينية، وهمشت الغالبية العظمى من أقاليم السودان، فأورثونا حاضر الدماء والدموع والأشلاء.

وأكد الناري أن المضاد الحقيقي لهذه الخطابات ومشاريع تقسيم السودان هو الحوار السوداني/ السوداني الشامل، مشيرا إلى أن هذا الحوار يجيب على أسئلة الحاضر والمستقبل، ويعالج جذور الأزمة التأريخية عبر أسس موضوعية سليمة، وبناء دولة مواطنة متساوية بين جميع السودانيات والسودانيين، وإعادة هيكلة جميع مؤسسات الدولة وفق أسس قومية جديدة، وجيش قومي واحد بعقيدة عسكرية جديدة متوافق عليها، مشددا إلى أهمية المحاسبة والمساءلة عن كافة الجرائم والانتهاكات التي وقعت بحق شعبنا (قديمها وحديثها) هي الطريق الأمثل نحو المستقبل ورد الاعتبار للضحايا وذويهم، وضمان عدم تكرارها مستقبلا.

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *