ماذا يعني انحياز السودان لمحور التطبيع؟

وكالات – بلو نيوز الإخبارية
السودان وإسرائيل: ما ثمن التطبيع؟
في تحول دبلوماسي لافت، تسارعت وتيرة العلاقات بين السودان وإسرائيل بشكل غير مسبوق، ما أثار العديد من التساؤلات حول الدوافع والأهداف الحقيقية لهذا التطبيع. وأصبح الملف الأمني والعسكري في مقدمة أولويات التعاون بين البلدين، حيث بات واضحًا أن هناك أهدافًا مشتركة تجمع بين الخرطوم وتل أبيب.
أهداف مشتركة: محاربة الإرهاب وتقوية العلاقات الأمنية
تتلاقى مصالح السودان وإسرائيل في مجال مكافحة الإرهاب، وهو ما أكده وزير المخابرات الإسرائيلي إيلي كوهين خلال زيارته الأخيرة للخرطوم. وأوضح كوهين أن الدولتين اتفقتا على “محاربة الإرهاب معًا بهدف إزالة كل البنى التحتية للإسلام الراديكالي”، مشيرًا إلى أن إيران تعتبر المصدر الأول لتمويل الإرهاب في المنطقة، ما يجعل محاربة الجماعات المتطرفة على رأس قائمة أولويات التعاون.
ويضيف محللون أن العلاقة بين السودان وإسرائيل في المجال الأمني تعكس إرثًا تاريخيًا معقدًا، إذ كان النظام السوداني السابق داعمًا لحركات متحالفة مع إيران مثل “حماس”، وهو ما جعل إسرائيل تراقب عن كثب الأنشطة المخابراتية والعسكرية على الأراضي السودانية.
التبادل الدبلوماسي: فتح سفارات واتفاقيات مستقبلية
تعتبر قضية تبادل السفارات بين السودان وإسرائيل واحدة من أهم القضايا التي سيتم حسمها في المرحلة القادمة. فقد أعلن كوهين أن البلدين اتفقا على فتح سفارات في أقرب وقت، مع استكمال الإجراءات الدبلوماسية في واشنطن. وفي الوقت الذي تبدو فيه العلاقة بين الخرطوم وتل أبيب في مرحلة متقدمة، يظل الملف الأمني أحد العوامل الرئيسية التي ستحدد شكل هذا التطبيع في المستقبل.
السودان بين القوى السياسية: تطبيع أم تراجع؟
رغم التقدم الملحوظ في تطبيع العلاقات مع إسرائيل، يبقى ملف التطبيع قضية مثيرة للجدل داخليًا في السودان. فالأحزاب السودانية التقليدية مثل “حزب الأمة القومي” و”الحزب الشيوعي” تواصل معارضتها لفتح قنوات مع إسرائيل، مما يطرح تساؤلات حول مستقبل هذه العلاقات بعد انتهاء الفترة الانتقالية.
الكاتب السياسي أحمد يشير إلى أن الانتخابات القادمة في السودان قد تكون العامل الحاسم في تحديد مسار العلاقات مع إسرائيل. وإذا أفرزت الانتخابات أحزابًا ذات توجهات إيديولوجية معادية للتطبيع، فقد يتراجع السودان عن موقفه الداعم للتطبيع. وفي المقابل، إذا سيطر على المشهد السياسي أحزاب براغماتية، فإن التطبيع قد يستمر بشكل سلس.
قضية العمال السودانيين: إعادة المهاجرين إلى الوطن
من القضايا البارزة التي طرحتها إسرائيل خلال المفاوضات، قضية العمال السودانيين الذين دخلوا إسرائيل بشكل غير شرعي. وكشف كوهين عن استعداد بلاده لاستعادة هؤلاء العمال إلى السودان، مع تقديم تدريب مهني لهم في إسرائيل. هذه الخطوة، إن تمت، قد توفر للسودان فرصة اقتصادية كبيرة من خلال إقامة مشاريع اقتصادية مشتركة بين البلدين.
الاستراتيجية الإسرائيلية في البحر الأحمر
تسعى إسرائيل إلى تعزيز وجودها الاستراتيجي في منطقة البحر الأحمر، التي تعتبر شريانًا حيويًا للأمن القومي الإسرائيلي. وقد أشار كوهين إلى أن السودان وإسرائيل يناقشان التعاون العسكري في هذا المجال، ويأمل الإسرائيليون في انضمام السودان إلى التحالفات العسكرية للدول المطلة على البحر الأحمر.
التطبيع في ظل الضغوط الإقليمية والدولية
بينما تلعب الولايات المتحدة دورًا حاسمًا في عملية التطبيع، فإن تغيير الإدارة الأمريكية تحت قيادة الرئيس جو بايدن قد يغير بعض الاستراتيجيات. ومع ذلك، يبدو أن الدعم الأمريكي لإسرائيل في مسألة التطبيع سيستمر، مما يعزز من موقف تل أبيب في هذه القضية.
الخلاصة: تطبيع مشروط ومستقبل غامض
رغم أن العلاقات السودانية الإسرائيلية قد شهدت تقدمًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة، فإن المستقبل السياسي لهذه العلاقات يبقى غير مؤكّد. يظل التوازن السياسي الداخلي في السودان، بالإضافة إلى المواقف الشعبية والسياسية المتباينة، عاملاً حاسمًا في تحديد ما إذا كان السودان سيواصل تعزيز علاقاته مع إسرائيل بعد انتهاء الفترة الانتقالية.