نجم الدين دريسة: السودان من ركام الحروب الي آفاق البناء .. “قصة وطن مكلوم”!!

نجم الدين دريسة: السودان من ركام الحروب الي آفاق البناء .. “قصة وطن مكلوم”!!
بقلم الأستاذ: نجم الدين دريسة
الاغراق في التعاطي مع حروب السودان علي اساس ان قدرا حتميا والافراط الغيبي في نتائجها يجعلنا نغفل الدروس التي ينبغي نستفيد منها كي نستأصل شأفتها وللابد ونسد كل الذرائع حتي لاتعود مرة أخري لأننا كشعوب ومجتمعات ظللنا ندفع تكاليف باهظة جراءها فلا مناص من قراءة المسببات والدواعي بدرجة عالية من العمق والتفكير المنطقي بعيدا علي الرغائبية وزهو الانتصارات وخيبات الهزائم .
بالطبع الأوطان لا تؤسس بالاماني ولا تبني بالغبائن وقديما قيل (الفش غبينتو خرب مدينتو) مثل سوداني ذائع الصيت فالسلام هو الركيزة الاساسية في بناء الامم ويبدأ السلام بقبول الاخر والاعتراف بالمظالم التاريخية والأخطاء والانتهاكات التي مورست في حق الشعوب خلق منصة للتعافي والتراضي والتوافق الاجتماعي مناهضة العنصرية وخطاب الكراهية ولنا في التجارب الإنسانية التاريخية أسوة حسنة فكم من دولة استطاعت ان تصنع السلام من ركام الحروب والصراعات الاكثر تعقيدا ودموية.
ينبغي أن نستوعب الدروس والعبر من هذه الحروب المهلكة لاسيما وان السودان يتميز بتنوع إجتماعي وتعدد ثقافي فريد علاوة علي انه يذخر بموارد ومقدرات تؤهله لان يحجز موقعا متميزا بين الشعوب والامم ولكن المؤسف ان هذه الموارد مصابة سوء الإستخدم أو عدم الإستخدام إما الإستخدام غير أمثل ( Mis , Non ,Under Utilization Of Resources )
فصارت الحالة السودانية كأغرب حالة في العالم عرفت الدولة السودانية بالدولة المصابة بلعنة الموارد.
هنالك عوامل عديدة ساعدت في ان نظل هكذا منها علي سبيل المثال لا للحصر غياب القيادة الواعية المدركة لقيمة الأوطان خاصة وان الشعب السوداني لا ينقصه الوعي والتطلع نحو ريادة المستقبل ولديه اشواق وامال عراض في تحقيق السلام والعدالة والحرية والعيش الكريم .. هذا بالاضافة الي ضعف المؤسسات المدينة والعسكرية وغياب الدستور ومركزية السلطة القابضة والخانقة والباطشة لشعوب الهامش المرتهنة للخارج وغياب روح القومية مما أدي لتفشي وسيادة الانتماءات القبلية والجهوية الضيقة وكرست للعنصرية هذا بالاضافة التفكير في استسهال الحلول وعدم مخاطبة الازمة السياسية والتفكير دوما في تجزئة الوطن وتقسيمه لنبدأ الصراعات من الجديد لذات الأسباب ولانسداد الأفق.
هذه الحروب ظلت علي الدوام تفتك بالمجتمعات والشعوب خاصة الهوامش والارياف ظلت هذه المجتمعات تتعرض لانتهاكات بشعة إبادة جماعية وتهجير قسري كل جرائم العنف والحرب والجرائم ضد الإنسانية والمؤسف ان إعلام الدولة المركزية يمجد في جزء من المجتمعات ويشطن السواد الاعظم من المجتمع ويدمغه بالتمرد ويغذي خطاب الكراهية وخلق استقطاب عمقت الأزمة وخلقت شروخ في جدران البناء القومي.
فكرة تأسيس خطوة مهمة في تشكيل الوعي الجمعي نحو بناء دولة ولكن هنالك حلقات مفرغة وشروط غائبة اهمها العمل علي خلق وبناء الثقة علي سيادة روح الشفافية الوضوح والتعاطي مع هذه القضية بذهنية تخرج عن أنماط التفكير القديمة لأننا لا يمكن ان نحدث اي تغيير إلا بتغيير طرائق التفكير والعمل علي إعلاء القيم الموضوعية والبعد عن الذاتوية واحترام المواثيق والعهود لان العهد كان مسؤلا وإشراك كل المجتمع في عملية التغيير.