تقرير خاص: تصاعد التوتر الإيراني الإسرائيلي: هل ينقطع “شريان الدم” الإيراني إلى الجيش السوداني؟

تقرير خاص – بلو نيوز الاخبارية
في خضم التصعيد العسكري بين إسرائيل وإيران، والذي بلغ ذروته خلال الشهور الأخيرة بهجمات متبادلة وعمليات استهداف مباشر داخل العمقين الإيراني والإسرائيلي، يبرز سؤال حاسم في المشهد السوداني: كيف ستنعكس هذه الحرب الإقليمية المفتوحة على الجيش السوداني، الذي وُصِف غير مرة بأنه أحد وكلاء إيران في المنطقة؟
منذ اندلاع الحرب الأهلية في السودان في 15 أبريل 2023 بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، تكشف تدريجيًا أن الصراع الداخلي السوداني بات جزءًا من توازنات إقليمية أعقد، خاصة مع دخول أطراف خارجية على الخط، أبرزها إيران، التي أعادت علاقتها رسميًا مع الخرطوم أواخر 2023 بعد سنوات من القطيعة.
الطائرات المسيرة .. والبصمة الإيرانية الواضحة
بحسب مصادر ميدانية ومحللين عسكريين، بدأ الجيش السوداني يستخدم طائرات مسيرة متطورة في عملياته ضد قوات الدعم السريع، بعضها من طرازات “شاهد” الإيرانية، ما أثار تساؤلات حول مصدرها وتوقيتها.
ولم تمضي أشهر قليلة حتى ظهرت مؤشرات صريحة على أن الدعم الإيراني شمل طائرات بدون طيار، أنظمة توجيه دقيقة، وذخائر متطورة، مما ساعد الجيش السوداني في ترجيح كفته ميدانيًا في بعض جبهات القتال، خاصة في ولايات الجزيرة وسنار.
حرب أخرى .. بعيدًا عن العيون
رغم أن السودان ظل بعيدًا ظاهريًا عن صراع الشرق الأوسط المباشر، إلا أن ارتباط الجيش السوداني بإيران جعله عرضة لتبعات ما يشبه “الحرب العالمية المصغرة” الدائرة بين طهران وتل أبيب، فكل صاروخ يسقط في أصفهان أو منشأة عسكرية تقصف يعني بالنسبة للجيش السوداني، احتمال انقطاع أحد خطوط إمداده الأكثر أهمية.
التقارير الاستخباراتية الغربية أشارت إلى أن إيران استخدمت شبكات تهريب ونقل أسلحة عبر البحر الأحمر وحتى داخل الأراضي السودانية، إما عبر ميناء بورتسودان أو عبر وسطاء من الحرس الثوري ووكلاء محليين، وإذا ما تعرضت هذه الشبكات لضربات إسرائيلية أو تعطلت بسبب توترات داخلية إيرانية، فإن الجيش السوداني قد يجد نفسه في معركة بلا ذخيرة كافية، وبخسائر أكبر من المتوقع.
انعكاسات استراتيجية محتملة
يقول خبير أمني سوداني فضل عدم الكشف عن اسمه لـ”بلو نيوز”: “منذ اللحظة التي اختار فيها الجيش إعادة التحالف مع طهران، بات رهينًا لإيقاع الحرب الإقليمية، وأي ضعف في الموقف الإيراني سينعكس مباشرة على كفاءة العمليات العسكرية للجيش في الداخل.”
في المقابل، فإن قوات الدعم السريع، التي استفادت من علاقات مرنة وغير معلنة مع دول إقليمية، ربما تجد نفسها أقل تأثرًا، لأنها لم تراهن على محور واحد، بل تعاملت مع واقع إقليمي ممزق.
خطر العزلة الدولية
إلى جانب التأثير العسكري، فإن الاصطفاف مع إيران قد يزيد من عزلة الجيش السوداني سياسيًا، خاصة إذا ما توسعت رقعة الحرب الإيرانية الإسرائيلية إلى مستويات أكثر حدة، أو إذا ما تم تصنيف دعم إيران للجيش السوداني كدعم لقوة منخرطة في جرائم حرب.
بين المطرقة والسندان
يقف الجيش السوداني اليوم بين مطرقة الاعتماد على الدعم الإيراني وسندان تحول هذا الدعم إلى عبء استراتيجي في ظل تغيرات الإقليم، ومع اشتعال جبهات الشرق الأوسط، قد لا تكون الحرب في الخرطوم فقط حربًا سودانية، بل جزءًا من خريطة اشتباك أعقد بكثير.
خاتمة:
إن كانت الطائرات المسيرات الإيرانية قد منحت الجيش السوداني تفوقًا تكتيكيًا في بعض المعارك، فإن استمرار الحرب بين إسرائيل وإيران قد يسحب هذا “الامتياز” فجأة ويعري الجيش من الغطاء الذي طالما استخدمه في حربه الداخلية، ليواجه تبعات استراتيجية قد تقلب الموازين ميدانيًا وسياسيًا.