صلاح جلال: البرهان خطاب الحرب أمام دعوات السلام ..
(1)
انتظمت الساحة الداخلية والإقليمية والدولية في الأيام القليلة الماضية فسحة من الأمل بخطابات مفعمة بقرب الوصول لاتفاقات لإيقاف الحرب فى السودان وتوجت بخطوة تعتبر اختراقاً في ظل تصاعد نيران الحرب *بالتوصل لاتفاق بين القوى المدنية الديمقراطية (تقدم) أكبر تجمع شعبي مدني من أجل السلام بقيادة رئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك.
توصلوا لإعلان أديس أبابا الموقع مع قائد قوات الدعم السريع الفريق أول حميدتي في غُرة يناير الحالي من أجل وقف الحرب فوراً والالتزام بحماية المدنيين وفتح الممرات اللازمة لتوصيل المساعدات الإنسانية الضرورية للمواطنين في المدن والنازحين في الأطراف ومساعدة اللاجئين على العودة من مصاعب اللجوء ومعالجة بعض قضايا المستقبل والعملية السياسية، تتفاجأ الساحة اليوم الجمعة 5 يناير بخطاب ناري لتصعيد الحرب من القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول البرهان.
(2)
لقد تحدث الفريق البرهان بلغة تصعيدية للحرب أمام جنوده في أحد القواعد العسكرية بخطاب غير موفق، مما يعطي الطرف الآخر الدعم السريع العذر للسماح لقواته باجتياح الأقاليم المحاصرة في الأبيض وكوستي وسنار والدمازين، لقد ألجم خطاب السلام وخروج قائد الدعم السريع تحركات قواته العسكرية في توسيع نطاق الحرب وألزمهم بوقف العمليات لإعطاء الفرصة للسلام، جاء خطاب البرهان ليعطي الدعم السريع كل المبررات للتصعيد خاصة لقواته المرابطة على بوابات الأقاليم ومداخلها في سنار والنيل الأبيض وكردفان فقد رفع عنهم خطاب البرهان اليوم الحرج من التمدد وتوسيع نطاق العنف في البلاد ولن يلومهم أحد إن فعلوا ذلك على نفسها جنت براقش.
(3)
نحن أبناء النيل الأزرق بعد اجتياح الجزيرة والسيطرة على مدينة ود مدني ووصول قوات الدعم السريع لأطراف مدينتنا سنار، حرصاً منا على سلامة أرواح أهلنا والحفاظ على ممتلكاتهم والبنيات التحتية لمدننا، تواصلنا سياسيين وزعماء مجتمع ومثقفين وتوافقنا على مذكرة تناشد قوات الدعم السريع عدم الدخول لمدن النيل الأزرق مقابل دعمنا اللامحدود لوقف الحرب وحيادية أهلنا وابتعادهم عن التجييش والانحياز لأي من طرفي النزاع، لقد تواصلنا مع أبناء النيل الأزرق في الدعم السريع خاصة القائدين المك أبوشوتال والأخ البيشي وانتزعنا منهم وعداً بتجميد العمليات العسكرية فى منطقتنا وإعطاء السلام فرصة، لكن خطاب الفريق البرهان اليوم أصاب مجهوداتنا لحماية مجتمعاتنا المحلية في سنار والدمازين في مقتل، ووضع مبادرتنا لوقف الحرب ومن اجتياح أهلنا في مهب الريح ورفع الحرج عن قوات الدعم السريع من الدخول لمناطقنا دون أن يلومهم أحد.
(4)
إن خطاب التصعيد للحرب تقف خلفه مجموعات سياسية محدودة ومهزومة اختطفت قرار القوات المسلحة وتختبئ تحت بزتها العسكرية، وإن الدعوة الفاشلة لتسليح الشعب لا تتعدى (نقارة الورل) وقيادات الاستنفار في الدنيا البعيدة خارج الحدود في القاهرة وتركيا وبعض المدن الباردة، كنا سنتفهم خطابات التصعيد من القائد العام للقوات المسلحة إذا كانت قواته تحقق انتصارات على الأرض وتقترب من تحقيق النصر المبين، لكن الحقيقة المؤسفة أن القوات في تراجع وعاجزة عن حماية المواطنين حتى أطلق عليهم المتهكمين (الفحاطة) أمام مصطلح الكيزان لاستصغار القوى المدنية بعنوان (القحاطة)، تعبئة الجماعة السياسية المساندة لخطاب الحرب لسفنهم على اليابس وعاجزة عن الإبحار لرفض الشعب للحرب ورغبته العارمة لإيقافها فوراً وتحقيق السلام، ملأوا الدنيا ضجيجاً باسم الكتائب ومن بعدها الاستنفار والآن المقاومة الشعبية إبداع في نحت الأصنام بلا روح ولا حركة، الحرب حقيقة قاسية لا تقتات بالشعارات الجوفاء وقودها الأرواح والدماء، فهي ليست نزهة قونات ولايفاتية وصحافة صفراء تحترف الكذب والتطبيل والتضليل وقلب الحقائق.
(5)
ختامة
لقد أحزنني اليوم خطاب الفريق البرهان المعاكس لأمواج السلام والقاتل لأمل إيقاف الحرب والمجهض لأحلام المواطنين الذين اشتروا أمل العودة لديارهم وإنهاء معاناة الدواء والطعام وحرمان 19 مليون طفل من الجلوس للتعليم، القيادة الرشيد ترفع الاحباط وتغرس الأمل وقت الأزمات لكن الفريق البرهان وخطابه البائس يحقق العكس فهو حشف وسوء كيل وسقوط مفردات.
لقد أنشد الشاعر الجاهلي (الأفوه الأودي) وقد صدق، الأبيات الخالدة التي تًطابق حالنا اليوم.
لا يَصلُحُ الناسُ فَوضى لا سَراةَ لَهُم
وَلا سَراةَ لهم إِذا جُهّالُهُم سادوا
وَالبَيتُ لا يُبتَنى إِلّا لَهُ عَمَدٌ
وَلا عِمادَ إِذا لَم تُرسَ أَوتادُ
فَإِن تَجَمَّعَ أَوتادٌ وَأَعمِدَةٌ
لِمَعشَرٍ بَلغوا الأَمرَ الَّذي كادوا
لابد من إنهاء الحرب وتحقيق السلام وإن طال السفر