أشرف عبد العزيز يكتب: “الاتصال” .. و”البيان”.!!

200

أشرف عبد العزيز يكتب:

“الاتصال” .. و”البيان”.!!

مُنذ اندلاع هذه الحرب الإجرامية آثر حزب المؤتمر الوطني (المحلول) الصمت السياسي، وأعلى صوت التعبئة بحكم أن المعركة معركته، وأن الكرامة التي يود استعادتها هي عودته إلى الحكم مجدداً محمولاً على أشلاء ودماء السودانيين.

بعد إشعال الحرب أخفت قيادة الحزب نفسها، وأهملت العمل السياسي، وتفرغت للتعبئة والتجييش وتأسيس المقاومة الشعبية وشراء السلاح، وساهم ذلك في تعزيز الاتهامات لها بإشعال الحرب خاصة بعد عرقلتها لكل المجهودات الدولية لوقف الحرب.

وطوال هذه الفترة ظلت قيادة الجيش تنظر الأمر من زاويتين، الأولى هي أن التحالف بينها والحركة الإسلامية يوفر لها عناصر صلبة قادرة للتصدي لقوات الدعم السريع وأطماعها التوسعية، وفي ذات الوقت تستشعر الخطر، وتتحسسه دوماً خاصة وأنها مدركة تماماً أن الصف الثاني في قيادة الجيش ومعظم الضباط الممسكين بتلابيب المعركة ولاؤهم التام للحركة، وليس للقوات المسلحة، وازدادت قوتهم بعد تأسيس المقاومة الشعبية التي باتت تمتلك (المسيرات) وتشتري السلاح، ولم يثنها حديث نائب قائد الجيش الفريق الكباشي في القضارف، هذا فضلاً عن التميز الذي تمتاز به كتيبة البراء داخل الجيش، ورويداً رويداً أصبح الإخوان جيشاً يسيطر على الجيش بماله وعتاده ودعمه السياسي.

ومع ذلك لم يحققوا انتصارات ميدانية من شأنها قلب الواقع واستبدال كفة الميزان لصالح الجيش، ففي صباح كل يوم تتوالى الأحداث عاصفة منذرة بتداعيات وخيمة جراء الحرب، فالمجاعة طرقت أبوابها والجنيه تهاوى أمام العملات الأجنبية، وفشل الموسم الزراعي الشتوي معلناً فشل الصيفي رغم الخريف المبكر، واستمر النزوح والتشرد، ومن لم يقتله الرصاص فُطر قلبه، وتوقف عن ضخ الدماء للشرايين، أو اختطفته يد المنون لعدم توفر الدواء خاصة مرضى غسيل الكلى والقلب.

وفي خضم هذه المأساة تراجع دعاة الحرب وبدأت مفردات مثل (بل س) تقذف في سلة المهملات، وتغير المزاج السوداني، وأصبح المواطنون جميعهم يتوقون لوقف الحرب، وبالتالي لم تجد قيادة الجيش غير السير في هذا الطريق طريق وقف الحرب ومن هنا جاءت الاستجابة للوساطة التي عرضها الرئيس الأثيوبي على البرهان، والتي أسفرت عن الاتصال الذي جرى بين البرهان ومحمد بن زايد.

حاول المؤتمر الوطني المحلول المزايدة، ووجه عناصره بالتعليق على الاتصال بأنه سيعود بالوبال على الدعم السريع وتنسيقية (تقدم)، ولكن في المقابل تدرك قيادة الحزب تماماً أن أي تقدم في هذا المضمار يعني عزل دعاة الحرب ونهايتهم، وأن هذه المرة (الهوا جات مقلوبة) ومن الصعب إيقاف الضغط الدولي الكاسح الرامي لوقف الحرب. وحتى نائب الخارجية السعودي الخارجية (الخريطة) من الذين لعبوا دوراً مهماً في مفاصلة الإسلاميين.

لم يجد المؤتمر الوطني طريقاً غير إصدار بيان يوضح فيه موقفه من الاتصال الذي جرى وما يجري في الساحة الأفريقية والدولية بشأن السودان، وبالرغم من أن الحزب المحلول بث تطمينات للقائد العام للجيش من خلال البيان بأنه يدعمه ويعمل تحت قيادته، إلا أنه حوى عدة اشتراطات هي نفسها التي ظلت تمثل عائقاً لوقف الحرب. أراد الحزب المحلول من هذا البيان الإشارة إلى أنه موجود وباسمه، بالرغم من أنه محلول بموجب الوثيقة الدستورية التي ما زالت سارية، وفشل في تمزيقها رغم الانقلاب والحرب، ويبقى السؤال هل ينجح المؤتمر الوطني المحلول في إملاء شروطه على الجيش أم ينتهي شهر العسل، وتبدأ جولة المواجهة الثانية؟

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *