البرّاء لا تستأذن (زيداً أو عُبيداً) .. والحرب لن يوقفها (زيدٌ وعُبيد)!

182

 

البرّاء لا تستأذن (زيداً أو عُبيداً) .. والحرب لن يوقفها (زيدٌ وعُبيد)!

  • عبد الرحمن الكلس .

ليس هناك من أضعف وفكك الجيش السوداني، وأذلّه وطأطأ رأسه وجعله في موضع تهكم سخرية و جردّه من ثقة الشعب فيه، سوى الكيزان.

دعونا عن تاريخ تدميرهم لهذه المؤسسة الوطنية، واعتبروه من الماضي الذي (لا يعود)، وانظروا إلى ما يحدث الآن من تهديد مباشر لقيادة جيش (البرهان)، من بائع الأواني المنزليّة، صبي ما تُسمى “كتيبة البرّاء بن مالك” الكيزانية، فقد ظهر هذا الولد – أمس الأول- في مقطع فيديو وهو يتحدث إلى أعضاء جماعته الإرهابية المتطرفة في حفل خطابي بشمال السودان، موجهاً تهديدات مباشرة إلى من سمّاهما “زيدٌ وعُبيد”، ورغم أن هذا التعبير قديم وشائع، لكنه يقصد به في سياق خطابه (البرهان وكباشي)، وقال لهما بالحرف الواحد إنّ جماعته لا تحتاج إذناً منهما لتقاتل، أي أن هذه الحرب هي حربنا (نحن الكيزان)، وهذا الجيش الذي أنتم فيه جيشنا (نحن الكيزان)، جيش (سناء وكرتي)، فيما أنتما محض مُستخدمين فيه لتنفذوا أجندتنا لا لتقودونا أو تصدرون إلينا الأوامر، فنحن من نأذن ولا نستأذن.

خلاصة قول صبي الأواني المنزلية الذي وضع البرهان على كتفيه رتبة (رائد)، تطيح بحديث “الكباشي” نائب البرهان، وتنسف كل ما قاله بأن السلاح والعتاد والعُدة التي تخص الجيش السوداني لا تزال تحت إمرته وسيطرته، إذ لا يوجد دليل واحد يؤكد ذلك، فمنذ بداية الحرب ولربما قبلها بأشهر عديدة آلت أسلحة الجيش بما فيها المدرعات والمدفعية والطيران إلى مليشيات الإخوان المسلمين (الكيزان)، بل ان سلاح المدرعات كان – ولا يزال – نقطة تجمع ومركزا لقيادة مليشيات الكيزان لإدارة حربهم التي أشعلوها في 15 ابريل من العام الماضي وظنوا بانها تنتهي في غضون أسابيع أو أشهر قليلة، وهذا ما أكد عليه حديث الصبيّ المدعو المصباح أبو زيد، الذي صار أبوزيد وعبيد معاً، فمعني تهديده لقادة (الجيش) الافتراضي، هو أنكم لا تمتلكون شيئاً حتى تفرضوا علينا قراركم، فالسلاح معنا والقيادة لنا، فأرعووا وإلاّ نستبدلنكم باخوة لنا من داخل جيشنا تعرفونهم جيداً، أكثر ولاء وطاعة وخنوعاً وخضوعاً منكم!!

إن خلاف (البيت الواحد/ العائلة الواحدة) بين برهان وكباشي من ناحية، وبين البراء ومتشدّدي الكيزان من ناحية أخرى، قد وصل ذروته منذ تلك اللحظة التي أطلقوا عليها (تحرير الإذاعة)، حيث تكالبت البراء والضراء والرجرجة والدهماء من كل صوب وحدب والتقطوا صوراً من داخل المبنى المتهالك بعد انسحاب الدعم السريع التكتيكي منه، وروجوا بأنهم من (حرروه) دون قادة الجيش توطئة لوصفهم بالجبن والخوار والضعف وعدم القدرة على القتال، وإنه لولا مليشيات البراء وغيرها لما تمكن البرهان وكباشي من تحرير إستاد (المريخ) دعك عن مبنى الإذاعة، كما ظلوا يرددون!

ثم تبادل الطرفان حرباً صامتة، إلى أن دلق الكباشي مافي جوفه من هواء ساخن في (همبريب) القضارف الطلق، وألمح إلى ان هذه المليشيات أخطر من المتمردين (يقصد الدعم السريع) وأنه لن يكون هناك سلاح بعد الآن خارج المؤسسة العسكري، أي مؤسسة عسكرية لا أحد يدري، وأي كذب آخر يمكن أن يصدق، وأي أخرق وأهبل ذلك من يصدق الكباشي مرة أخرى؟.

وبلغ الأمر ذروته بعد حرب المسيرات، ابتداءً بصالة أفراح (عطبرة) ومكتب جهاز الأمن والمخابرات بالقضارف ومطار الفرقة العسكرية في شندي وانتهاءً بمسيرات (مروي)، وما إلى ذلك، خصوصاً وان المسيرات قد استهدفت مناطق حواضن البراء التي ظنوها ستكون آمنة في حربهم، ولا أمان لمكان في الحروب.

أنا لست متفائلا بذلك، لكني أسرد وقائع حدثت كما هي، أما رأيي فيها فإن الغالب هو أن هناك لعبة ما، لعبة تبادل أكاذيب بين صبي مليشيا سناء وصبي مليشيا البراء، وهو أن يظهروا بأن ثمة خلافات بينهما حتى يبرئا قيادة الجيش من انتمائها للكيزان وطاعة أمير التنظيم (علي كرتي) في المنشط والمكره، والامتثال لأوامره واجتناب نواهيه، والأهم، حتى يهرب البرهان وكباشيه من أي مفاوضات سلام قادمة، كما حدث في (المنامة) من قبل.

لقد عودنا الكيزان على مثل هذه الحيّل ولعبة تبادل الأداور، فلم لا في حالة كباشي والمصباح؟، ولكن بغض النظر عنها، فإنها كشفت بوضوح وجلاء لمن كانوا عُميان، أن هذه الحرب هي حرب الإخوان المسلمين (الكيزان) لا حرب غيرهم، وأن أسلحة الجيش تحت سيطرتهم لا سيطرة صبيتهم في قيادته، وهذا يعني أن أمد الحرب سيطول جداً، لأن الجماعة تخوض حربها الوجودية الأخيرة، لا يحدد البرهان (زيد) أو الكباشي (عبيد) استمرارها أو ايقافها، أما أن تبقى الجماعة أو تزول تماماً، هذا هو ملخص حديث صبي البراء، وهذه هي الحقيقة على الأرض لمن أراد الحقيقة، وما سواها أمنيات ورغبات، والحروب لا تنتهي بالتمني.

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *